الخميس، 7 فبراير 2019

(2) اليهود والرسول ( صلى الله عليه وسلم ):الفصل الرابع: اليهود والإسلام


الفصل الرابع: اليهود والإسلام:
(2) اليهود والرسول ( صلى الله عليه وسلم ):
عقد رسول - صلى الله عليه وسلم - مع اليهود عهدًا بعد وصوله إلى المدينة قرر فيه حرية الاعتقاد لليهود، ورسم السياسة التي ينبغي أن يتبعها اليهود مع المسلمين للتعاون والتناصر في صد كل منْ يحاول دهم يثرب.
ولا شك في أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يأمل في أن يلتزم اليهود بهذا العهد وألا يظهر منهم عداء أو مكر للمسلمين باعتبارهم من أهل الكتاب، وأن دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - لم تكن بغريبة عن دعوة موسى - عليه السلام - وجميع الأنبياء قبله، فهم جميعًا يلتقون على الإيمان بالنبوات والإيمان بالبعث والدعوة إلى مكارم الأخلاق والعمل الصالح، وكذلك فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا إلى الإيمان بأنبياء بني إسرائيل، قال - تعالى -: { كُلُّ ءَامَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَينَ أَحَدٍ, مِّن رٌّسُلِهِ} لكن اليهود وقفوا دائمًا من الإسلام موقفًا معاديًا لأسباب منها:
أولاً: ما ُطبع عليه اليهود من حسد وجمود وغلظة وبعد عن هدايات السماء.
ثانيًا: أنهم رأوا في المسلمين منافسًا خطيرًا سوف يقضي على زعاماتهم الدينية وتفوقهم الاقتصادي في المدينة، لاسيما بعد أن نجح المسلمون في الميدان التجاري نجاحًا جلبه حسن المعاملة والتمسك بالأخلاق الإسلامية في البيع والشراء، مما لم يعد يسمح لأخلاق اليهود من الغش والاحتكار والتدليس أن تحقق غايتها، فتأخر اليهود حيث تقدم المسلمون مما زاد ضراما في قلوب اليهود.
ثالثًا: ما تعرض به القرآن الكريم لليهود حين كشف عن عقائدهم الباطلة وأخلاقهم المنحطة، وفضح تاريخهم الآثم في قتل الأنبياء وظلمهم وتطاولهم وعصيانهم، وتحريفهم للتوراة وحرصهم على الحياة، وغير ذلك مما ذخر به القرآن الكريم عنهم وزاد حقدهم على الرسول - صلى الله عليه وسلم - وبلغ غيظهم مداه حين فوجئوا بإسلام بعض أحبارهم وعلمائهم كعبد الله بن سلام، وكان ذا مكانة فيهم.
فبدأت حرب جدل بين النبي - صلى الله عليه وسلم - واليهود أشد لددًا و أكثر خُبثًا من حرب الجدل التي خاضها الرسول - صلى الله عليه وسلم - قبل ذلك في مكة، كان اليهود فيها يتعنتون ويحاولون أن يلبسوا الحق بالباطل، كذلك حاول اليهود الوقيعة بين الأوس والخزرج...إلى آخر هذه الأمور التي واجهها المسلمون، والتي كان لابد لهم حفاظًا على أنفسهم ودينهم أن يعدوا العدة لمواجهتها باستمرار.(1)
رغم يقين اليهود بصدق الرسالة والرسول  ( صلى الله عليه وسلم) قال تعالي :  ﴿ الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ ﴾ (2)
إلا اليهود اتخذوا موقفاً عدائيا من الرسول ( صلى الله عليه وسلم) ومن الإسلام، وعُرف بعض اليهود بالمدينة بشدة عداوتهم لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم) مع أن علماءهم كانوا يعرفون أنه سيُبعث نبي وكانوا يعرفون صفاته من التوراة، فمنْ هؤلاء الذين انتصبوا لعداوته ( صلى الله عليه وسلم) حُيَيّ بن أخطب وأخاه أبا ياسر، وسلام بن مشكم، وكنانة بن الربيع وكعب بن الأشراف، وعبد الله بن صوريا وابن صلوبا، ومخيريق الذي أسلم بعد، ولبيد بن الأعصم الذي حرّضه اليهود وسحر النبي ( صلى الله عليه وسلم)  ثم جاء جبريل وأخبره بذلك السحر وبمكانه وعفا عنه رسول الله( صلى الله عليه وسلم)  وقال: أما أنا فقد عافاني الله وكرهت أن أثير على الناس شرا (يعني بقتله).
ومنهم مالك بن الصلت، وقد كان من أحبار اليهود ورئيسا لهم فإنه قال: ما أنزل الله على بشر من شيء، فأدت به عداؤه لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم)  إلى الكفر بنبينا وبموسى عليهما السلام وبما أنزل عليهما، فقالت اليهود له: ما هذا الذي بلغنا عنك؟ فقال: إنه أغضبني فقلت ذلك فنزعوه من الرياسة وجعلوا مكانه كعب بن الأشرف.
ونظرا لتلك العداوة من جانب اليهود للرسالة والرسول ( صلى الله عليه وسلم)  فقد عملوا على:
- كتم وإخفاء ما عندهم من صفات النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - الدالة على صدقه :
والدليل على ذلك قوله تعالى : { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ }
قال الإمام لشوكاني رحمه الله : { وَتَكْتُمُونَ الحق } يقول : تكتمون شأن محمد ، وأنتم تجدونه مكتوباً عندكم في التوراة ، والإنجيل.  
قال الإمام الشنقيطي في معرض تفسيره لهذه الآية : فقد كانوا جبهة تضليل للناس ، وتحريف للكتاب . وتلبيس للحق بالباطل . كل ذلك عن قصد وعلم ، بدافع الحسد ومناصبة العداء وخصم هذا حاله فلا دواء له ، لأن المدلس لا يؤمن جانبه ، والمضلل لا يصدق ، والحاسد لا يشفيه إلا زوال النعمة عن المحسود ، ومن جانب آخر فقد قطع الله الطمع عن إيمانهم .(3)
- إثارة الأحقاد والضغائن ما بين قبيلتي الأوس والخزرج بعد أن أخا بينهما الإسلام، وسكتت نار الحرب التي كانت بينهم، والتي أشعلها اليهود في الماضي، من أجل تجارة الربا، التي كان اليهود يسلطونها على رقاب الفريقين، ومن المحاولات التي قام بها اليهود لإزكاء نار العصبية بين الفريقين الأوس والخزرج من جديد، ما فعله اليهودي: شاس بن قيس حينا أمر أحد شباب اليهود بالدخول في جمع الأوس والخزرج، وأن يذكرهم بما كان بينهم من حروب حتى كادت الفتنة تقع لولا أن تداركها الرسول.
( صلى الله عليه وسلم) فخطب فيهم: «يا معشر المسلمين الله الله اتقوا الله، أَبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد أن هداكم الله إلى الإسلام وقطع به عنكم أمر الجاهلية واستنقذكم به من الكفر وألف به بينكم ترجعون إلى ما كنتم عليه كفارا»؟!
فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان وكيد من عدوكم فبكوا وعانق الرجال من الأوس الرجال من الخزرج ثم انصرفوا مع رسول الله سامعين مطيعين، وأنزل الله في شأس بن قيس: {قُلْ يأَهْلَ الْكِتَبِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ ءامَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجا وَأَنْتُمْ}
وأنزل الله في الأنصار: {يأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقا مّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَبَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَنِكُمْ كَفِرِينَ وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ ءايَتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِىَ إِلَى صِرطٍ مّسْتَقِيمٍ يأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُم أَعْدَآء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانا وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُمْ مّنْهَا كَذلِكَ يُبَيّنُ اللَّهُ لَكُمْ ءايَتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (4)
- كان اليهود يسألون النبي ( صلى الله عليه وسلم)  عن أشياء تعنتا وحسدا وبغيا ليلبسوا الحق بالباطل، فجاء مرة يهوديان إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) فسألاه عن قوله تعالى: {وَلَقَدْ ءاتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ ءايَتٍ} (5)
فقال لهما: «لا تشركوا بالله شيئا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا تسرقوا، ولا تسحروا، ولا تمشوا ببريء إلى سلطان، ولا تأكلوا الربا، ولا تقذفوا المحصنة، وعليكم يا يهود خاصة ألا تعدوا في السبت»، فقبلا يديه ورجليه وقالا: نشهد أنك نبي، قال: «ما يمنعكما أن تسلما؟» فقالا: نخاف إن أسلمنا تقتلنا اليهود.
وسألوه ( صلى الله عليه وسلم)  مرة: فقالوا: أخبرنا عن علامة النبي، فقال: «تنام عيناه ولا ينام قلبه».
وسألوه ( صلى الله عليه وسلم) أي طعام حرَّمه إسرائيل على نفسه قبل أن تنزل التوراة، قال: «أنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أن إسرائيل وهو يعقوب عليه السلام مرض مرضا وطال سقمه فنذر لئن شفاه الله تعالى من سقمه ليحرمنّ أحب الشراب إليه وأحب الطعام إليه؟ فكان أحب الطعام إليه لحم الإبل، وأحب الشراب إليه ألبانها»، قالوا: اللهم نعم.
وقالوا مرة إغاظة له ( صلى الله عليه وسلم)  ما يرى لهذا الرجل همَّة إلا في النساء والنكاح فلو كان نبيا كما زعم لشغله أمر النبوَّة عن النساء، فأنزل الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلا مّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرّيَّةً} (6) فقد جاء أن سليمان عليه السلام كان له مائة امرأة وتسعمائة سرية.
- اجتمع رؤوسهم ورؤساؤهم، فدبَّروا مكيدةً للتخلص من النبي - صلى الله عليه وسلم ، مكيدة لا تليق إلا بطبائع يهود، قرَّروا أن يسحروا النبي - صلى الله عليه وسلم ، فهم أهل هذه الصنعة ومحترفيها، تعلَّمَها آباؤهم من الشياطين التي سخَّرها الله مع سليمان: ﴿ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ﴾ [البقرة: 102].
وبعد أن اختارت يهود طريقة الإيذاء نظروا وبحثوا عن أسحرهم وأمهرهم، فإذا برجلٍ من يهود بني زُريق يقال له: لُبيد بن الأعصم، أغروه بالمال، ووعدوه بالنوال إن أتمَّ هذه المكيدة.
فأقام عدوُّ الله ستة أشهر يُخطط ويُفكِّر ويُدبِّر عملية السحر، وفي بعض الروايات: أنه أظهر الإسلام حتى يسهُل عليه إتمام المهمة، ويظفَر هذا اليهودي بمشطٍ للنبي - صلى الله عليه وسلم - فيعقد بها عقدةَ السحر.
ويؤثر هذا السحر في جسد النبي - صلى الله عليه وسلم - لا على عقله وفكره، فأنبياء الله معصومون فيما يبلغون، وإنما كان أثر وتأثير هذا السحر أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يظنُّ ويُخيَّل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله، حتى شكا لعائشة - رضي الله عنها - هذا الظنَّ الذي يعتريه.
وما هي إلا أيام معدودات، إلا والعناية الإلهية تحوط بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فينزل جبريل - عليه السلام - ويُخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكيدة يهود ومكان السحر الذي ألقِي في بئر لبني زُريق.
وجعل جبريل - عليه السلام - يرقي النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمعوذتين، وكان كلما قرأ آيةً انحلَّت عقدة، حتى قام المصطفى - صلى الله عليه وسلم - كأنما نشط من عِقال، وردَّ الله كيد يهود بغيظهم، لم ينالوا خيرًا، وكفى الله نبيَّه شرَّهم.(7)
- ما رواه أبو داود وغيره، عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال:لما أصاب الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) قريشا يوم بدر، وقدم المدينة، جمع اليهود في سوق بني قينقاع، فقال: يا معشر يهود، أسلموا قبل أن يصيبكم مثل ما أصاب قريشاً.
قالوا: يا محمد: لا يغرنك من نفسك أنك قتلت نفراً من قريش، كانوا أغماراً لا يعرفون القتال، إنك لو قاتلتنا لعرفت أنَّا نحن الناس، وأنك لم تلق مثلنا، فأنزل الحق – تبارك وتعالى – فيهم قوله:[قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ المِهَادُ] [قَدْ كَانَ لَكُمْ آَيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ التَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ العَيْنِ وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الأَبْصَارِ] (8)         
فلما قدر عليهم الرسول ( صلى الله عليه وسلم) لم يقتلهم، وإنما أمرهم بالخروج من المدينة فقط، نظراً لخيانتهم عهدهم مع الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) فخرجوا إلى أذر عات الشام، ولبثوا فيها حتى هلك أكثرهم.
استسلام بني النضير بعد الحصار للمسلمين (رسم من القرن الرابع عشر).
- استقبال سلام بن مشكم سيد يهود بني النضير لأبي سفيان بن حرب هو ورجاله ليلا، ومساعدتهم في هجومهم ليلا على المدينة من ناحية العريض من نواحي المدينة وقتلهم لبعض المسلمين رغم العهد الذي كان بين سيد بني النضير وبين الرسول ( صلى الله عليه وسلم) (9)
-  ما فعله كعب بن الأشرف وهو من شعراء اليهود من بني نبهان، فبعد هزيمة قريش في غزوة بدر، أخذ ينظم قصائده التي يسُب فيها الرسول ( صلى الله عليه وسلم) وينال من  أعراض المسلمين، فضلا عن توجهه إلى قريش يذكرهم من خلال أشعاره بقتلاهم في بدر، أملا في إثارة نار العصبية في قلوبهم، وظل يردد مستنكراً لهزيمة المشركين على يد المسلمين:
أهؤلاء أشراف العرب، وملوك الناس، والله إن كان محمد قد أصاب هؤلاء القوم لبطن الأرض خيرُاُ من ظهرها... 
ثم تلاقى مع أبا سفيان الذي سأله: أديننا أحب إليك ؟! أم دين محمد وأصحابه ؟! وأي الفريقين أهدى سبيلا؟!
فقال اليهودي: أنتم أهدى منهم سبيلا وأفضل، وفي ذلك نزل قول الحق – تبارك وتعالى – [أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا سَبِيلًا] (10)
- محاولة يهود بني النضير قتله ( صلى الله عليه وسلم) حينما ذهب إليهم، يطلب منهم  المساعدة في دفع دية الكلابيين اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضميري، وذلك وفقاً للعهد الذي كان بينهم وبينه ( صلى الله عليه وسلم) فأمهلوه حتى يحضروا المال، وطلبوا من الشقي عمرو بن جحاش، ليُلقي الرحى عليه ( صلى الله عليه وسلم ) وكاد ينجح لولا أن أخبره جبريل – عليه السلام – فغادر ( صلى الله عليه وسلم ) ديارهم.
- خرج عشرون رجلا من زعماء اليهود وسادات بني النضير إلى قريش بمكة، يُحرضونهم على غزو الرسول ( صلى الله عليه وسلم) ووعدوهم من أنفسهم بالنصرة لهم، فأجابتهم قريش، ثم خرج هذا الوفد إلى غطفان، فدعوهم إلى ما دعوا إليه قريشاً، فاستجابوا لهم، ثم طاف الوفد بقبائل العرب يدعوهم إلى ذلك فاستجاب لهم منْ استجاب، وهكذا نجح ساسة اليهود في تأليب أحزاب الكفر على النبي ( صلى الله عليه وسلم) وعلى دعوته وعلى المسلمين، وذلك ما عُرف بغزوة الأحزاب، ولقد خلد القرآن الكريم ذلك في قول الحق – تبارك وتعالى – [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا] [إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ القُلُوبُ الحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا] [هُنَالِكَ ابْتُلِيَ المُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا] (11)
- لما اطمأن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) بخيبر بعد فتحها، أهدت له زينب بنت الحارث، امرأة سلام بن مشكم شاة مصلية، وقد سألت أي عضو أحب إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) ؟!
فقيل لها: الذراع، فأكثرت فيها من السُم، ثم سمت سائر الشاة، ثم جاءت بها، فلما وضعتها بين يدي رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) تناول الذراع، فلاك منها مُضغة، فلم يسغها، ولفظها.
ثم قال: إن هذا العظم ليخُبرني أنه مسموم، ثم دعا بالمرأة فاعترفت، فقال لها: ما حملك على ذلك.؟!
قالت: قلتُ إن كان ملكاً استرحنا منه، وإن كان نبياً فسيُخبر فتجاوز عنها.
ذلك بعض ما فعله اليهود مع الرسول ( صلى الله عليه وسلم) حتى لما حضرت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) الوفاة كان يقول في مرضه الذي مات فيه: ( يا عائشة ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلته بخيبر، فهذا أوان وجدت انقطاع أبهُري من ذلك السم) (12)
وهو يقصد بذلك سم الشاة التي قدمتها له زينب بنت الحارث، والتي كانت سبباً في وفاته( صلى الله عليه وسلم).
- إثارة الشكوك حول الدين الجديد في المدينة :
من ضمن الخطط الشيطانية الماكرة التي استخدمها اليهود هي أنهم كانوا يعرفون عند سكان المدينة من الأوس والخزرج بأنهم أهل علم وكتاب وكانوا يتوعدون بنبي قربت ساعة ظهوره, فاستغل اليهود تلك النقطة فتآمروا فيما بينهم على أن يؤمنوا في أول النهار ويكفروا آخره على أنهم لم يجدوا صفات ذلك النبي كما هو موجود عندهم أو أنهم وجدوا أن هذا الدين ليس هو المكتوب عندهم ليدخلوا الشك والريبة في قلوب الصحابة رضوان الله عليهم .
ذكر هذه القصة ابن أبي حاتم في تفسيره وسعيد بن منصور في سننه ومجاهد في تفسيره حيث قال : ( آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره ) قال : هم اليهود ، صلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أول النهار صلاة الفجر وكفروا آخر النهار ، مكرا منهم ، ليروا الناس أنه قد بدت  لهم منه الضلالة  بعد أن كانوا اتبعوه . (13)
قال الأمام السعدي رحمه الله : ثم أخبر تعالى عن ما همت به هذه الطائفة الخبيثة، وإرادة المكر بالمؤمنين، فقال { وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره } أي: ادخلوا في دينهم على وجه المكر والكيد أول النهار، فإذا كان آخر النهار فاخرجوا منه { لعلهم يرجعون } عن دينهم، فيقولون لو كان صحيحا لما خرج منه أهل العلم والكتاب، هذا الذي أرادوه عجبا بأنفهسم وظنا أن الناس سيحسنون ظنهم بهم ويتابعونهم على ما يقولونه ويفعلونه، ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون.(14)
- همز ولمز الرسول - صلى الله عليه وسلم - والدعاء عليه :
من أساليب اليهود الهمز واللمز بطريقة خفية وغير مباشرة وهذه من أساليب الجبناء العاجزين  .
فعنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: دَخَلَ رَهْطٌ مِنْ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكُمْ قَالَتْ عَائِشَةُ فَفَهِمْتُهَا فَقُلْتُ وَعَلَيْكُمْ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَهْلًا يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَدْ قُلْتُ وَعَلَيْكُمْ.(15)
- إنكارهم تبديل القبلة والاعتراض على أحكام الله :
من أفعال اليهود المشينة هي ازدراءهم لما ينزل من أحكام أو نسخ لحكم قديم بحكم جديد. ويترصدون لأي حدث يمكن أن يستثمروه لصالحهم أو يمكنهم الطعن  في الدين من خلاله, ولكن في كل مرة والحمد لله يرجع كيدهم إلى نحورهم ومن هذه الأمثلة قضية نسخ الكعبة .
فعَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ:{ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ }
فتوَجَّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ وَقَالَ السُّفَهَاءُ مِنْ النَّاسِ وَهُمْ الْيَهُودُ : { مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمْ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ }.
قال الإمام السعدي : فأخبر تعالى أنه سيعترض السفهاء من الناس، وهم الذين لا يعرفون مصالح أنفسهم، بل يضيعونها ويبيعونها بأبخس ثمن، وهم اليهود والنصارى، ومن أشبههم من المعترضين على أحكام الله وشرائعه(16)
-  استهداف أرواح المسلمين بالقتل :
كلما سنحت لليهودي فرصة في الانتقام من المسلم فإنه لا يدخر جهدا في فعل ذلك من قتل أو سرقة مال أو انتهاك عرض .
فعَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْيَهُودِ قَتَلَ جَارِيَةً مِنْ الْأَنْصَارِ عَلَى حُلِيٍّ لَهَا ثُمَّ أَلْقَاهَا فِي الْقَلِيبِ وَرَضَخَ رَأْسَهَا بِالْحِجَارَةِ فَأُخِذَ فَأُتِيَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُرْجَمَ حَتَّى يَمُوتَ فَرُجِمَ حَتَّى مَاتَ (رواه مسلم : باب ثبوت القصاص في القتل بالحجر ) . وفي رواية البخاري :  فَدَعَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَتَلَهُ بَيْنَ الْحَجَرَيْنِ.
إن هذا اليهودي قتل تلك البنت الصغيرة قتلة بشعة تنم على عدم وجود أي شعور بالحس الإنساني فضلا على الشعور الديني لدى هؤلاء القوم(17)
- الفرح عند إصابة المسلمين بنوع من البلاء :
قال تعالى:{إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ }آل عمران120
قال الإمام السعدي : قال الله مهيجا للمؤمنين على الحذر من هؤلاء المنافقين من أهل الكتاب، ومبينا شدة عداوتهم { هاأنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله }.
{ إن تمسسكم حسنة } كالنصر على الأعداء وحصول الفتح والغنائم { تسؤهم } أي: تغمهم وتحزنهم { وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط } فإذا أتيتم بالأسباب التي وعد الله عليها النصر - وهي الصبر والتقوى- لم يضركم مكرهم، بل يجعل الله مكرهم في نحورهم لأنه محيط بهم علمه وقدرته فلا منفذ لهم عن ذلك ولا يخفى عليهم منهم شيء.(18)
- إخفاء نصوص من التوراة توافق ما جاء في كتاب الله من الأحكام :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ الْيَهُودَ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ وَامْرَأَةً زَنَيَا فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ فِي شَأْنِ الرَّجْمِ فَقَالُوا نَفْضَحُهُمْ وَيُجْلَدُونَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ كَذَبْتُمْ إِنَّ فِيهَا الرَّجْمَ فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوهَا فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ فَقَرَأَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ ارْفَعْ يَدَكَ فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ فَقَالُوا صَدَقَ يَا مُحَمَّدُ فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يَجْنَأُ عَلَى الْمَرْأَةِ يَقِيهَا الْحِجَارَةَ (رواه البخاري : باب قول الله تعالى يعرفونه كما يعرفون ).
ويبدو أن اليهود كانوا يريدون أن يطعنوا في خلق الرسول وعدله ونزاهته بتعريضه لقضايا يساومونه فيها على الميل لجانبهم أو جانب بعضهم حتى يثبتوا للمسلمين أو يثبتوا للمعجبين به من قومهم أن الرجل ليس نبيا وان الدنيا تستهويه كما تستهوي غيره من الناس (19)
اخواني وبني جلدتي:
لقد شن اليهود على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قديما وحديثا حملات إعلامية لتشويه صورته ، وتنفير الناس منه ومن دينه ودعوته ، لشعورهم بخطورة هذا الدين على مصالحهم ، وعلى عقيدتهم المنحرفة القائمة على الاستعلاء واحتقار الناس عدا الجنس اليهودي.
فقد جاء رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ينادي بعقيدة التوحيد وهم يقولون عزير ابن الله، وجاء ينادي بالمساواة ، وهم يرون أنهم شعب الله المختار ، ومن ثم كثرت مواقفهم ومؤامراتهم الخبيثة ، لمحاولة قتل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، والقضاء على الإسلام في مهده الأول في المدينة المنورة ..
المراجع:
(1)         عداء اليهود للرسول – صلى الله عليه وسلم - : موقع مداد.
(2)         سورة البقرة: 146.
(3)          فتح القدير ج1ص 481 - أضواء البيان ج8 ص 184.
(4)   سورة آل عمران: 99- 100 : 103 - الرحيق المختوم: صفي الدين ص 277، 278 بتصرف.
(5)         سورة الإسراء: 101.
(6)         سورة الرعد: 38.
(7)         اليهود في مواجهة المصطفى: الشيخ إبراهيم بن صالح العجلان: منتدى الألوكة الشرعية.
(8)         سورة آل عمران:12- 13
(9)         الرحيق المختوم: ص 282 بتصرف.
(10)  سورة النساء:51.
(11)  سورة الأحزاب:9- 10 – 11
(12)  صحيح البخاري: ج 3 ص 91.
(13)  تفسير مجاهد ج1ص 174.
(14)  تيسير الكرم المنان ص 969.
(15)  صحيح البخاري .باب الرفق في الأمر كله.
(16)  محاسن التاويل ص22.
(17)  مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية.
(18)  محاسن التاويل ص65.
(19)  يهود يثرب وخيبرص68.


هناك 12 تعليقًا:

  1. الفصل الرابع: اليهود والإسلام
    (2) اليهود والرسول ( صلى الله عليه وسلم ):
    عقد رسول - صلى الله عليه وسلم - مع اليهود عهدًا بعد وصوله إلى المدينة قرر فيه حرية الاعتقاد لليهود، ورسم السياسة التي ينبغي أن يتبعها اليهود مع المسلمين للتعاون والتناصر في صد كل منْ يحاول دهم يثرب.
    ولا شك في أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يأمل في أن يلتزم اليهود بهذا العهد وألا يظهر منهم عداء أو مكر للمسلمين باعتبارهم من أهل الكتاب، وأن دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - لم تكن بغريبة عن دعوة موسى - عليه السلام - وجميع الأنبياء قبله، فهم جميعًا يلتقون على الإيمان بالنبوات والإيمان بالبعث والدعوة إلى مكارم الأخلاق والعمل الصالح، وكذلك فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا إلى الإيمان بأنبياء بني إسرائيل، قال - تعالى -: { كُلُّ ءَامَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَينَ أَحَدٍ, مِّن رٌّسُلِهِ} لكن اليهود وقفوا دائمًا من الإسلام موقفًا معاديًا لأسباب منها:
    أولاً: ما ُطبع عليه اليهود من حسد وجمود وغلظة وبعد عن هدايات السماء.
    ثانيًا: أنهم رأوا في المسلمين منافسًا خطيرًا سوف يقضي على زعاماتهم الدينية وتفوقهم الاقتصادي في المدينة، لاسيما بعد أن نجح المسلمون في الميدان التجاري نجاحًا جلبه حسن المعاملة والتمسك بالأخلاق الإسلامية في البيع والشراء، مما لم يعد يسمح لأخلاق اليهود من الغش والاحتكار والتدليس أن تحقق غايتها، فتأخر اليهود حيث تقدم المسلمون مما زاد ضراما في قلوب اليهود.
    ثالثًا: ما تعرض به القرآن الكريم لليهود حين كشف عن عقائدهم الباطلة وأخلاقهم المنحطة، وفضح تاريخهم الآثم في قتل الأنبياء وظلمهم وتطاولهم وعصيانهم، وتحريفهم للتوراة وحرصهم على الحياة، وغير ذلك مما ذخر به القرآن الكريم عنهم وزاد حقدهم على الرسول - صلى الله عليه وسلم - وبلغ غيظهم مداه حين فوجئوا بإسلام بعض أحبارهم وعلمائهم كعبد الله بن سلام، وكان ذا مكانة فيهم.
    فبدأت حرب جدل بين النبي - صلى الله عليه وسلم - واليهود أشد لددًا و أكثر خُبثًا من حرب الجدل التي خاضها الرسول - صلى الله عليه وسلم - قبل ذلك في مكة، كان اليهود فيها يتعنتون ويحاولون أن يلبسوا الحق بالباطل، كذلك حاول اليهود الوقيعة بين الأوس والخزرج...إلى آخر هذه الأمور التي واجهها المسلمون، والتي كان لابد لهم حفاظًا على أنفسهم ودينهم أن يعدوا العدة لمواجهتها باستمرار.(1)

    ردحذف
  2. - اجتمع رؤوسهم ورؤساؤهم، فدبَّروا مكيدةً للتخلص من النبي - صلى الله عليه وسلم ، مكيدة لا تليق إلا بطبائع يهود، قرَّروا أن يسحروا النبي - صلى الله عليه وسلم ، فهم أهل هذه الصنعة ومحترفيها، تعلَّمَها آباؤهم من الشياطين التي سخَّرها الله مع سليمان: ﴿ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ﴾ [البقرة: 102].
    وبعد أن اختارت يهود طريقة الإيذاء نظروا وبحثوا عن أسحرهم وأمهرهم، فإذا برجلٍ من يهود بني زُريق يقال له: لُبيد بن الأعصم، أغروه بالمال، ووعدوه بالنوال إن أتمَّ هذه المكيدة.
    فأقام عدوُّ الله ستة أشهر يُخطط ويُفكِّر ويُدبِّر عملية السحر، وفي بعض الروايات: أنه أظهر الإسلام حتى يسهُل عليه إتمام المهمة، ويظفَر هذا اليهودي بمشطٍ للنبي - صلى الله عليه وسلم - فيعقد بها عقدةَ السحر.
    ويؤثر هذا السحر في جسد النبي - صلى الله عليه وسلم - لا على عقله وفكره، فأنبياء الله معصومون فيما يبلغون، وإنما كان أثر وتأثير هذا السحر أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يظنُّ ويُخيَّل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله، حتى شكا لعائشة - رضي الله عنها - هذا الظنَّ الذي يعتريه.
    وما هي إلا أيام معدودات، إلا والعناية الإلهية تحوط بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فينزل جبريل - عليه السلام - ويُخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكيدة يهود ومكان السحر الذي ألقِي في بئر لبني زُريق.
    وجعل جبريل - عليه السلام - يرقي النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمعوذتين، وكان كلما قرأ آيةً انحلَّت عقدة، حتى قام المصطفى - صلى الله عليه وسلم - كأنما نشط من عِقال، وردَّ الله كيد يهود بغيظهم، لم ينالوا خيرًا، وكفى الله نبيَّه شرَّهم.(7)

    ردحذف
  3. - همز ولمز الرسول - صلى الله عليه وسلم - والدعاء عليه :

    من أساليب اليهود الهمز واللمز بطريقة خفية وغير مباشرة وهذه من أساليب الجبناء العاجزين .
    فعنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: دَخَلَ رَهْطٌ مِنْ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكُمْ قَالَتْ عَائِشَةُ فَفَهِمْتُهَا فَقُلْتُ وَعَلَيْكُمْ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَهْلًا يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَدْ قُلْتُ وَعَلَيْكُمْ.(15)

    ردحذف
  4. الفصل الرابع: اليهود والإسلام
    (2) اليهود والرسول ( صلى الله عليه وسلم ):
    عقد رسول - صلى الله عليه وسلم - مع اليهود عهدًا بعد وصوله إلى المدينة قرر فيه حرية الاعتقاد لليهود، ورسم السياسة التي ينبغي أن يتبعها اليهود مع المسلمين للتعاون والتناصر في صد كل منْ يحاول دهم يثرب.
    ولا شك في أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يأمل في أن يلتزم اليهود بهذا العهد وألا يظهر منهم عداء أو مكر للمسلمين باعتبارهم من أهل الكتاب، وأن دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - لم تكن بغريبة عن دعوة موسى - عليه السلام - وجميع الأنبياء قبله، فهم جميعًا يلتقون على الإيمان بالنبوات والإيمان بالبعث والدعوة إلى مكارم الأخلاق والعمل الصالح، وكذلك فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا إلى الإيمان بأنبياء بني إسرائيل، قال - تعالى -: { كُلُّ ءَامَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَينَ أَحَدٍ, مِّن رٌّسُلِهِ} لكن اليهود وقفوا دائمًا من الإسلام موقفًا معاديًا لأسباب منها:
    أولاً: ما ُطبع عليه اليهود من حسد وجمود وغلظة وبعد عن هدايات السماء.
    ثانيًا: أنهم رأوا في المسلمين منافسًا خطيرًا سوف يقضي على زعاماتهم الدينية وتفوقهم الاقتصادي في المدينة، لاسيما بعد أن نجح المسلمون في الميدان التجاري نجاحًا جلبه حسن المعاملة والتمسك بالأخلاق الإسلامية في البيع والشراء، مما لم يعد يسمح لأخلاق اليهود من الغش والاحتكار والتدليس أن تحقق غايتها، فتأخر اليهود حيث تقدم المسلمون مما زاد ضراما في قلوب اليهود.
    ثالثًا: ما تعرض به القرآن الكريم لليهود حين كشف عن عقائدهم الباطلة وأخلاقهم المنحطة، وفضح تاريخهم الآثم في قتل الأنبياء وظلمهم وتطاولهم وعصيانهم، وتحريفهم للتوراة وحرصهم على الحياة، وغير ذلك مما ذخر به القرآن الكريم عنهم وزاد حقدهم على الرسول - صلى الله عليه وسلم - وبلغ غيظهم مداه حين فوجئوا بإسلام بعض أحبارهم وعلمائهم كعبد الله بن سلام، وكان ذا مكانة فيهم.
    فبدأت حرب جدل بين النبي - صلى الله عليه وسلم - واليهود أشد لددًا و أكثر خُبثًا من حرب الجدل التي خاضها الرسول - صلى الله عليه وسلم - قبل ذلك في مكة، كان اليهود فيها يتعنتون ويحاولون أن يلبسوا الحق بالباطل، كذلك حاول اليهود الوقيعة بين الأوس والخزرج...إلى آخر هذه الأمور التي واجهها المسلمون، والتي كان لابد لهم حفاظًا على أنفسهم ودينهم أن يعدوا العدة لمواجهتها باستمرار.(1)

    ردحذف
  5. - استقبال سلام بن مشكم سيد يهود بني النضير لأبي سفيان بن حرب هو ورجاله ليلا، ومساعدتهم في هجومهم ليلا على المدينة من ناحية العريض من نواحي المدينة وقتلهم لبعض المسلمين رغم العهد الذي كان بين سيد بني النضير وبين الرسول ( صلى الله عليه وسلم) (9)
    - ما فعله كعب بن الأشرف وهو من شعراء اليهود من بني نبهان، فبعد هزيمة قريش في غزوة بدر، أخذ ينظم قصائده التي يسُب فيها الرسول ( صلى الله عليه وسلم) وينال من أعراض المسلمين، فضلا عن توجهه إلى قريش يذكرهم من خلال أشعاره بقتلاهم في بدر، أملا في إثارة نار العصبية في قلوبهم، وظل يردد مستنكراً لهزيمة المشركين على يد المسلمين:
    أهؤلاء أشراف العرب، وملوك الناس، والله إن كان محمد قد أصاب هؤلاء القوم لبطن الأرض خيرُاُ من ظهرها...
    ثم تلاقى مع أبا سفيان الذي سأله: أديننا أحب إليك ؟! أم دين محمد وأصحابه ؟! وأي الفريقين أهدى سبيلا؟!
    فقال اليهودي: أنتم أهدى منهم سبيلا وأفضل، وفي ذلك نزل قول الحق – تبارك وتعالى – [أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا سَبِيلًا] (10)

    ردحذف
  6. - الفرح عند إصابة المسلمين بنوع من البلاء :
    قال تعالى:{إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ }آل عمران120
    قال الإمام السعدي : قال الله مهيجا للمؤمنين على الحذر من هؤلاء المنافقين من أهل الكتاب، ومبينا شدة عداوتهم { هاأنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله }.
    { إن تمسسكم حسنة } كالنصر على الأعداء وحصول الفتح والغنائم { تسؤهم } أي: تغمهم وتحزنهم { وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط } فإذا أتيتم بالأسباب التي وعد الله عليها النصر - وهي الصبر والتقوى- لم يضركم مكرهم، بل يجعل الله مكرهم في نحورهم لأنه محيط بهم علمه وقدرته فلا منفذ لهم عن ذلك ولا يخفى عليهم منهم شيء.(18)

    ردحذف
  7. - كان اليهود يسألون النبي ( صلى الله عليه وسلم) عن أشياء تعنتا وحسدا وبغيا ليلبسوا الحق بالباطل، فجاء مرة يهوديان إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) فسألاه عن قوله تعالى: {وَلَقَدْ ءاتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ ءايَتٍ} (5)
    فقال لهما: «لا تشركوا بالله شيئا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا تسرقوا، ولا تسحروا، ولا تمشوا ببريء إلى سلطان، ولا تأكلوا الربا، ولا تقذفوا المحصنة، وعليكم يا يهود خاصة ألا تعدوا في السبت»، فقبلا يديه ورجليه وقالا: نشهد أنك نبي، قال: «ما يمنعكما أن تسلما؟» فقالا: نخاف إن أسلمنا تقتلنا اليهود.
    وسألوه ( صلى الله عليه وسلم) مرة: فقالوا: أخبرنا عن علامة النبي، فقال: «تنام عيناه ولا ينام قلبه».
    وسألوه ( صلى الله عليه وسلم) أي طعام حرَّمه إسرائيل على نفسه قبل أن تنزل التوراة، قال: «أنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أن إسرائيل وهو يعقوب عليه السلام مرض مرضا وطال سقمه فنذر لئن شفاه الله تعالى من سقمه ليحرمنّ أحب الشراب إليه وأحب الطعام إليه؟ فكان أحب الطعام إليه لحم الإبل، وأحب الشراب إليه ألبانها»، قالوا: اللهم نعم.
    وقالوا مرة إغاظة له ( صلى الله عليه وسلم) ما يرى لهذا الرجل همَّة إلا في النساء والنكاح فلو كان نبيا كما زعم لشغله أمر النبوَّة عن النساء، فأنزل الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلا مّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرّيَّةً} (6) فقد جاء أن سليمان عليه السلام كان له مائة امرأة وتسعمائة سرية.

    ردحذف
  8. الفصل الرابع: اليهود والإسلام
    (2) اليهود والرسول ( صلى الله عليه وسلم ):
    عقد رسول - صلى الله عليه وسلم - مع اليهود عهدًا بعد وصوله إلى المدينة قرر فيه حرية الاعتقاد لليهود، ورسم السياسة التي ينبغي أن يتبعها اليهود مع المسلمين للتعاون والتناصر في صد كل منْ يحاول دهم يثرب.
    ولا شك في أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يأمل في أن يلتزم اليهود بهذا العهد وألا يظهر منهم عداء أو مكر للمسلمين باعتبارهم من أهل الكتاب، وأن دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - لم تكن بغريبة عن دعوة موسى - عليه السلام - وجميع الأنبياء قبله، فهم جميعًا يلتقون على الإيمان بالنبوات والإيمان بالبعث والدعوة إلى مكارم الأخلاق والعمل الصالح، وكذلك فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا إلى الإيمان بأنبياء بني إسرائيل، قال - تعالى -: { كُلُّ ءَامَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَينَ أَحَدٍ, مِّن رٌّسُلِهِ} لكن اليهود وقفوا دائمًا من الإسلام موقفًا معاديًا لأسباب منها:
    أولاً: ما ُطبع عليه اليهود من حسد وجمود وغلظة وبعد عن هدايات السماء.
    ثانيًا: أنهم رأوا في المسلمين منافسًا خطيرًا سوف يقضي على زعاماتهم الدينية وتفوقهم الاقتصادي في المدينة، لاسيما بعد أن نجح المسلمون في الميدان التجاري نجاحًا جلبه حسن المعاملة والتمسك بالأخلاق الإسلامية في البيع والشراء، مما لم يعد يسمح لأخلاق اليهود من الغش والاحتكار والتدليس أن تحقق غايتها، فتأخر اليهود حيث تقدم المسلمون مما زاد ضراما في قلوب اليهود.
    ثالثًا: ما تعرض به القرآن الكريم لليهود حين كشف عن عقائدهم الباطلة وأخلاقهم المنحطة، وفضح تاريخهم الآثم في قتل الأنبياء وظلمهم وتطاولهم وعصيانهم، وتحريفهم للتوراة وحرصهم على الحياة، وغير ذلك مما ذخر به القرآن الكريم عنهم وزاد حقدهم على الرسول - صلى الله عليه وسلم - وبلغ غيظهم مداه حين فوجئوا بإسلام بعض أحبارهم وعلمائهم كعبد الله بن سلام، وكان ذا مكانة فيهم.
    فبدأت حرب جدل بين النبي - صلى الله عليه وسلم - واليهود أشد لددًا و أكثر خُبثًا من حرب الجدل التي خاضها الرسول - صلى الله عليه وسلم - قبل ذلك في مكة، كان اليهود فيها يتعنتون ويحاولون أن يلبسوا الحق بالباطل، كذلك حاول اليهود الوقيعة بين الأوس والخزرج...إلى آخر هذه الأمور التي واجهها المسلمون، والتي كان لابد لهم حفاظًا على أنفسهم ودينهم أن يعدوا العدة لمواجهتها باستمرار.(1)

    ردحذف
  9. - خرج عشرون رجلا من زعماء اليهود وسادات بني النضير إلى قريش بمكة، يُحرضونهم على غزو الرسول ( صلى الله عليه وسلم) ووعدوهم من أنفسهم بالنصرة لهم، فأجابتهم قريش، ثم خرج هذا الوفد إلى غطفان، فدعوهم إلى ما دعوا إليه قريشاً، فاستجابوا لهم، ثم طاف الوفد بقبائل العرب يدعوهم إلى ذلك فاستجاب لهم منْ استجاب، وهكذا نجح ساسة اليهود في تأليب أحزاب الكفر على النبي ( صلى الله عليه وسلم) وعلى دعوته وعلى المسلمين، وذلك ما عُرف بغزوة الأحزاب، ولقد خلد القرآن الكريم ذلك في قول الحق – تبارك وتعالى – [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا] [إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ القُلُوبُ الحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا] [هُنَالِكَ ابْتُلِيَ المُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا] (11)

    ردحذف
  10. اخواني وبني جلدتي:
    لقد شن اليهود على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قديما وحديثا حملات إعلامية لتشويه صورته ، وتنفير الناس منه ومن دينه ودعوته ، لشعورهم بخطورة هذا الدين على مصالحهم ، وعلى عقيدتهم المنحرفة القائمة على الاستعلاء واحتقار الناس عدا الجنس اليهودي.
    فقد جاء رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ينادي بعقيدة التوحيد وهم يقولون عزير ابن الله، وجاء ينادي بالمساواة ، وهم يرون أنهم شعب الله المختار ، ومن ثم كثرت مواقفهم ومؤامراتهم الخبيثة ، لمحاولة قتل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، والقضاء على الإسلام في مهده الأول في المدينة المنورة ..

    ردحذف
  11. - خرج عشرون رجلا من زعماء اليهود وسادات بني النضير إلى قريش بمكة، يُحرضونهم على غزو الرسول ( صلى الله عليه وسلم) ووعدوهم من أنفسهم بالنصرة لهم، فأجابتهم قريش، ثم خرج هذا الوفد إلى غطفان، فدعوهم إلى ما دعوا إليه قريشاً، فاستجابوا لهم، ثم طاف الوفد بقبائل العرب يدعوهم إلى ذلك فاستجاب لهم منْ استجاب، وهكذا نجح ساسة اليهود في تأليب أحزاب الكفر على النبي ( صلى الله عليه وسلم) وعلى دعوته وعلى المسلمين، وذلك ما عُرف بغزوة الأحزاب، ولقد خلد القرآن الكريم ذلك في قول الحق – تبارك وتعالى – [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا] [إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ القُلُوبُ الحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا] [هُنَالِكَ ابْتُلِيَ المُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا] (11)

    ردحذف
  12. - إخفاء نصوص من التوراة توافق ما جاء في كتاب الله من الأحكام :
    عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ الْيَهُودَ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ وَامْرَأَةً زَنَيَا فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ فِي شَأْنِ الرَّجْمِ فَقَالُوا نَفْضَحُهُمْ وَيُجْلَدُونَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ كَذَبْتُمْ إِنَّ فِيهَا الرَّجْمَ فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوهَا فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ فَقَرَأَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ ارْفَعْ يَدَكَ فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ فَقَالُوا صَدَقَ يَا مُحَمَّدُ فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يَجْنَأُ عَلَى الْمَرْأَةِ يَقِيهَا الْحِجَارَةَ (رواه البخاري : باب قول الله تعالى يعرفونه كما يعرفون ).
    ويبدو أن اليهود كانوا يريدون أن يطعنوا في خلق الرسول وعدله ونزاهته بتعريضه لقضايا يساومونه فيها على الميل لجانبهم أو جانب بعضهم حتى يثبتوا للمسلمين أو يثبتوا للمعجبين به من قومهم أن الرجل ليس نبيا وان الدنيا تستهويه كما تستهوي غيره من الناس (19)

    ردحذف