السبت، 24 مارس 2018

تاسعا: مصادر الفكر اليهودي.الفصل الثاني: اليهود



الفصل الثاني: اليهود
تاسعا: مصادر الفكر اليهودي.
لليهود أو الإسرائيليين طبائع خاصة وصفات منفردة تميزهم عن سائر البشر، لكي نُلم بها إلماما جيدا، لابد وأن نتعرف على المصادر التي يستمد منها يهود الماضي، ويهود الحاضر أفكارهم وعقيدتهم ومذهبهم في الحياة، والنهج الذي يسيرون عليه سواء في الماضي البعيد أو الحاضر القريب.
فالحركة الصهيونية استخدمت كل وسيلة ممكنة لتحقيق أهدافها حتى الأدب العبري استخدمته كأحد أسلحتها لتحقيق أهدافها ، حيث نجد أن الأدب الذي كان وما يزال وسيلة الإنسان لتنوير وتغيير حياته نحو الأفضل، وكشف والتبشير بقيم إنسانية نبيلة، نجد أن تجربة الأدب العبري الحديث هي التجربة الأولى من نوعها في التاريخ والتي تسير بخط معاكس، حيث يستخدم الفن بجميع أشكاله ومستوياته للقيام بأكبر عملية تضليل وتزوير واستهانة بإنسانية الإنسان، سواء جاء ذلك عبر تعبئة الفرد اليهودي بكل مشاعر الحقد والاحتقار للآخرين أو جاء ذلك عبر تزوير التاريخ والمشاعر ونشر الخرافات والأساطير وتهديم جماليات الأشياء بما فيها جماليات الفن نفسه، فقاد ذلك الى نتائج في منتهى الخطورة كان من أهمها عملية غسل دماغ جماعي في كثير من دول العالم، لدعم الاغتصاب وتبرير الوجود اللاشرعي للكيان الإسرائيلي في فلسطين ، وقام الأدب العبري الحديث بتنفيذ مهمة لم يقم بها أدب غيره، فكان رأس الرمح في معركة طويلة، ابتدأت من زمن ولا زالت مستمرة تحارب في آن واحد على جبهات متعددة تنطوي على متناقضات لا سبيل لحصرها أو حلها أو المواءمة فيما بينها، ابتدأت من فراغ كلي يكتنف جميع المقولات والمفاهيم التي تشكلت عليها قاعدة ادعاءاتها، عدا أنها تنهض على أساس غير خلقي ولا إنساني، لذلك حددت مهامها في اتجاهين متوازيين :
-  اتجاه يلغي واقعا ماديا قائما وهو وجود الشعب العربي في فلسطين.
-  اتجاه وهمي مفترض لا وجود له، باعتباره وجودا فعليا قائما وهو الوجود اليهودي الاستيطاني الإحتلالي (1)

ويرى محللون ومختصون أن الوسائل التي استعملها الفكر اليهودي- الصهيوني للوصول إلى أهدافه كثيرة، لكن من أهم الوسائل توظيف التاريخ لخدمته وصولا إلى أغراض سياسية محددة، فالتاريخ بالنسبة لهذا الفكر هو التوراة والديانة اليهودية ابنة هذا التاريخ، والديانة اليهودية والتاريخ التوراتي هما عكازتا الحركة الصهيونية اللتان لولاهما لظلت تزحف على بطنها دون أن تستطيع الوقوف والمشي (2)
وقد استمد الفكر اليهودي جانبا من فلسفته من التراث الديني اليهودي الذي يقوم على أساس من عزل اليهودي عن غير اليهودي، و تم هذا العزل من خلال مجموعة من المفاهيم الدينية التي فسرت تفسيرا عنصريا قوميا، ومن أهم هذه المفاهيم خصوصية الإله وخصوصية العهد والاختيار الإلهي، وخصوصية الخلاص الإلهي (3)
وأدت الترجمة العنصرية للمفاهيم الدينية إلى تحويل اليهودية إلى ديانة قومية خاصة والى تكوين صورة سلبية للآخر غير اليهودي تصل في قمتها إلى التعبير عن الرغبة في دماره ، وأبادته لان الخلاص الخاص الذي يحققه الرب لجماعته الخاصة يقابله دمار شامل لأعداء الرب ويمثل هؤلاء الأعداء بقية البشرية، فالبشر ينقسمون إلى يهود وغير يهود، إلى أهل عهد مع الرب وبقية البشر ليسوا من أهل العهد، إلى مختارين وغير مختارين ، وفي النهاية إلى مخلصين وغير مخلصين أو هالكين.
وقد انتقل هذا الفكر الديني ( القومي ) وفلسفته إلى الصهيونية الحديثة وأصبح دعامة أساسية من دعائم الإستراتيجية الإسرائيلية بجوانبها العسكرية والسياسية والثقافية، ومع أن الصهيونية الحديثة قامت ، غالبا ، على أكتاف اليهود العلمانيين وان هذه الصهيونية كانت تمثل مرجعيتهم الأولى، فقد تم توظيف الرافد التراثي الديني لخدمة المصالح القومية للصهيونية وبخاصة الجناح السياسي، وأداته العسكرية، والذي لم يؤمن بالمعطيات التراثية الدينية لكنه وظفها لخدمة المشروع الصهيوني وأهدافه ( القومية ) ..

والشيء الآخر الذي أود الإشارة إليه في نفس السياق، هو أن الفكر اليهودي – الصهيوني وفلسفته هو وليد الفكر القومي الغربي وفلسفته، حيث نشأت المشكلة اليهودية كرد فعل للاتجاهات القومية التي اكتسحت أوربا، وتم طرح التساؤل القوي حول وضع اليهود داخل القوميات الأوربية فيما يشبه الاتفاق على التخلص من اليهودي وتصدير المشكلة اليهودية إلى خارج أوربا وبداية التفكير في إنشاء وطن قومي لليهود ..
ويقر برهان غليون بان: ( الصهيونية فشلت في تطبيع وضع اليهود، ولكنها نقلت المسألة اليهودية من أوربا إلى المشرق العربي وقامت بإعادة إنتاج العلاقة المتوترة والمتنافرة- تماما كما كانت هناك- عبر استبدال الأوربيين المسيحيين بالعرب المسلمين )( 4).
لقد استخدمت الصهيونية النظريات العرقية الغربية لتبرير نقل اليهود المنبوذين من أوربا وتبرير إبادة السكان الأصليين، وقد وضعت أوربا اليهود والغجر في أدنى السلم العرقي عن أوربا، وبالنسبة للشعوب غير الأوربية فقد اعتبرتهم النظرية الغربية متخلفين حضاريا وعرقيا، واختلقت ما سمي بعبء الرجل الأبيض والذي يفرض عليه غزو الشعوب الأخرى لإدخالها في الحضارة ، وهكذا اخذ الفكر اليهودي- الصهيوني بهذه النظرية العنصرية وطبّقها حرفيا في طرح برامج التعامل مع العرب ، وبرر غزو فلسطين وطرد العرب منها أو إبادتهم بنفس النظرية التبريرية الاستعمارية، وتكونت الرؤية اليهودية ( ببعديها الصهيوني والإسرائيلي ) للعربي الفلسطيني وللعربي عموما من عنصرين :
الأول: يعتبر العربي عضوا في الشعوب الشرقية الملونة المتخلفة.
الثاني: يرى في العربي ممثلا للأغيار، ووفق هذه الرؤية، فان العربي شخصية متخلفة يجب نقلها إلى المدنية والحضارة على يد الصهيونية التي ترى في اليهودي عضوا في الحضارة الغربية منتميا إلى الجنس الأبيض وموضع القداسة، وقد عبرت الكتابات الأدبية العبرية العديدة عن هذه النظرية الصهيونية ورؤيتها للعربي المتخلف كمقابل لليهودي الأبيض، وقد وردت تعبيرات كثيرة لهذا التصور في كتابات موسى هس وثيودور هرتزل وحاييم وايزمان وجابوتنسكي ودافيد بن غوريون وغيرهم (5) ..
فهذه المصادر هي التي تشكل الفكر اليهودي أو العقيدة اليهودية، والتي منها تتشكل الشخصية اليهودية، وفي ضوءها تتحدد ملامح العقلية اليهودية، والتي على أساسها يتصرف اليهودي ويتعامل مع أقرانه من اليهود أو من غير اليهود، ودراسة هذه المصادر أو على الأقل الإلمام بها سيساعدنا في حُسن فهم الشخصية اليهودية.

 وباستقراء التاريخ يمكننا أن ندرك أن هؤلاء اليهود قد استمدوا عقيدتهم التي بها يدينون، ومذهبهم الذي له يسلكون من خلال ثلاثة مصادر رئيسية هي:
    العهد القديم.
    التلمود.
    بروتوكولات حكماء صهيون.
هذا ولسوف نعرض لكل مصدر من تلك المصادر في شئ من الإيجاز بحيث يساعدنا ذلك العرض في فهم طبيعة ذلك الشعب وكيفية تفكيره وأهدافه ووسائله لتحقيق تلك الأهداف وذلك على النحو التالي.

المصادر:
(1) حول فلسفة الفكر اليهودي: عبدالوهاب محمد الجبوري  عبدالوهاب محمد الجبوري باحث ومترجم وأكاديمي عراقي
(2) جودت السعد ، أوهام التاريخ اليهودي ، عمان ، 1998 ، ص 7
(3) د . محمد خليفة حسن ، مجلة الكاتب العربي : مجلة فصلية تصدر عن الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب / دمشق
– السنة العشرون - العدد 53 – أيلول / 2001 ، ص 32
(4) برهان غليون ، مصير الصهيونية بعد قرن من ولادتها ، مجلة شؤون الأوسط ، العدد 75 1998 – ص 50
(5) د. عبدالوهاب المسيري ، موسوعة اليهود واليهودية ، القاهرة ، 1999 ، ص 117


الجمعة، 9 مارس 2018

ثامنا:الصهيونية: الفصل الثاني


ثامنا:الصهيونية:
إخواني سنعرض هنا لبعض المعلومات البسيطة عن الحركة الصهيونية كمدخل لمصادر الفكر اليهودي والتي تُشكل عقيدة وفكر اليهود، وسنعاود الحديث عن الصهيونية في شيء من التفصيل في الفصل السادس من هذا البحث:
الصهيونية حركة سياسية عنصرية متطرفة، ترمي إلى إقامة دولة لليهود في فلسطين، تحكم من خلالها العالم كلّه، واشتقتّ الصهيونية من اسم جبل صهيون في القدس حيث تطمع الصهيونية أن تشيدّ فيها هيكل سليمان وتقيم مملكة لها تكون عاصمتها القدس الشريف.
ارتبطت الحركة الصهيونية بشخصية اليهودي النمساوي تيودور هرتزل الذي يعدّ الداعية الأول للفكر الصهيوني الذي تقوم على أرائه الحركة الصهيونية في العالم.
فالصهيونية بالعبرية تعني ציונות وهي حركة سياسية يهودية، ظهرت في وسط وشرق أوروبا في أواخر القرن التاسع عشر ودعت اليهود للهجرة إلى أرض فلسطين بدعوى أنها أرض الآباء والأجداد (إيريتس يسرائيل) ورفض اندماج اليهود في المجتمعات الأخرى للتحرر من معاداة السامية والاضطهاد الذي وقع عليهم في الشتات، وبعد فترة طالب قادة الحركة بإنشاء دولة منشودة في فلسطين والتي كانت ضمن أراضي الدولة العثمانية. ( 2،1)

ارتبطت الحركة الصهيونية الحديثة بشخصية اليهودي النمساوي هرتزل الذي يعد الداعية الأول للفكر الصهيوني الحديث والذي تقوم على آرائه الحركة الصهيونية في العالم وبعد تأسيس دولة إسرائيل أخذت الصهيونية على عاتقها توفير الدعم المالي والمعنوي لإسرائيل (3)  وقد عقد أول مؤتمر صهيوني في بازل بسويسرا ليتم تطبيق الصهيونية بشكل عملي على فلسطين فعملت على تسهيل الهجرة اليهودية ودعم المشاريع الاقتصادية اليهودية.(4)
جبل صهيون

كلمة "صهيوني" مشتقة من الكلمة صهيون عبرية: ציון وهي أحد ألقاب جبل صهيون في القدس كما هو ورد في سفر إشعياء فيما وردت لفظة صهيون لأول مرة في العهد القديم عندما تعرض للملك داود الذي أسس مملكته 1000–960 ق.م
ولقد صاغ هذا المصطلح الفيلسوف ناتان بيرنباوم في عام 1890، لوصف حركة أحباء صهيون، وأقر التسمية المؤتمر الصهيوني الأول في عام 1897.(5)
يرى البعض أن بدايات الفكر الصهيوني كانت في إنجلترا في القرن السابع عشر في بعض الأوساط البروتستانتية المتطرفة التي نادت بالعقيدة الاسترجاعية التي تعني ضرورة عودة اليهود إلى فلسطين شرطا لتحقيق الخلاص وعودة المسيح لكن ما حصل هو أن الأوساط الاستعمارية العلمانية في إنجلترا تبنت هذه الأطروحات وعلمنتها ثم بلورتها بشكل كامل في منتصف القرن التاسع عشر على يد مفكرين غير يهود بل معادين لليهود واليهودية.

ومن المهم أيضاً لفت الانتباه إلى أن الصهيونية نشأت كرد فعل على ما أسماه اليهود "معاداة السامية"، لتصبح مهمة الحركة الصهيونية تغيير واقع اليهود في أوروبا إلى دولة قومية تجمع اليهود من كل أنحاء العالم.(6) 
يرى اليهود الذين يدعون أنهم غير صهيونيين فساد الفكرة الصهيونية:-
ومن هؤلاء الحاخام المير برجر: الذي يقول إن الصهيونية حركة سياسية تستخدم التاريخ لأغراضها الخاصة التي تسيء في الوقت نفسه للدين اليهودي كدعوة روحية عامة، وتحصره في دعوة سياسية قومية ضيقة، فقيم الدين اليهودي لا نجدها في الصهيونية التي تمارس سياسة عنصرية ضد العرب مثلاً وهذه مخالفة مبشرة لتلك القيم ،وبالتالي فإن إتاحة إقامة دولة إسرائيل بشكلها الصهيوني مخالف لصور أرض الميعاد كما تحدثت عنها التوراة"
و يرى الحاخام المير برجر انه ليس لإسرائيل أي حق أخلاقي، أو تاريخي بالوجود في فلسطين، ويرى خطأ محاولات الصهيونية في بسط سلطانها على اليهود في سائر أنحاء العالم، ويدين محاولة المنظمة الصهيونية العالمية باستخدام اليهود الأمريكيين كأداة في يد السياسة الخارجية الإسرائيلية".

كتب الكاتب الإسرائيلي مردخاي كنش في صحيفة حيروت 27 تشرين الثاني عام 1964 ( بعنوان نحن و العالم المسيحي إن لنا حساباً دموياً طويلاً مع العالم المسيحي ) في عام 1948 دمروا أكثر من ثلاثين ديراً وكنيسة ومعهداً وقتلوا عدداً كبيراً من المسيحيين و رجال الدين المسيحي.
الإمبراطور نيرون

ونحن نعرف أن اليهود أول من ساهم مع الحكام الوثنيين في أوروبا في قتل المسيحيين في بداية ظهورها، وبعد هذا الظهور بل حرض اليهود على قتل المسيحيين بالتنسيق مع نيرون الطاغية حارق روما، الذي جعل  الوحوش الكاسرة كالأسود تمزق أجساد المسيحيين وهم أحياء إرضاء لشهوة سادية نيرون الوحشية".
و لا ننسى الجرائم التي اقترفها اليهود ضد المسيحيين قبل مجيء الإسلام، ومذبحة الأخدود التي اقترفها اليهود ضد النصارى، و قضى فيها ذو نواس على عشرات الألوف منهم حرقاً سنة 524".
يقول الدكتور اوسكار ليفي: نحن اليهود لسنا إلا سادة العالم ومفسديه ومحركي الفتن فيه و جلاديه.

المسيحيين يلقون أحياء أمام الوحوش الكاسرة بيد اليهود
المراجع:
(1) David Hazony , Yoram Hazony, and Michael B. Oren, eds., "New Essays on Zionism," Shalem Press, 2007.
(2) Motyl 2001, pp. 604 
(3) الصهيونية إعداد الندوة العالمية للشباب الإسلامي.
(4) الصهيونية بين تاريخين، عبد الله النجار كمال الحاج - الصهيونية العالمية، عباس محمود العقاد.
(5) וּפְדוּיֵי ה' יְשֻׁבוּן וּבָאוּ צִיּוֹן בְּרִנָּה, וְשִׂמְחַת עוֹלָם עַל רֹאשָׁם, שָׂשׂוֹן וְשִׂמְחָה יַשִּׂיגוּ, וְנָסוּ יָגוֹן וַאֲנָחָה" - المنظمة الصهيونية العالمية، الموسوعة الفلسطينية، المجلد الرابع
(6) بشارة، عزمي. مجلة الكرمل العدد 53، (خريف) 1997. - ساند، شلومو. اختراع أرض إسرائيل. ترجمة أنطوان شلحت وأسعد زعبي، المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية مدار. رام الله 2013. ص18