السبت، 6 يناير 2018

خامس عشر اضطهاد المسلمين في إثيوبيا

خامس عشر اضطهاد المسلمين في إثيوبيا


تمثل أول وصول للإسلام  إلى الحبشة (إثيوبيا حاليا) في عدد صغير من المهاجرين من الصحابة في العام الخامس من البعثة النبوية. حيث اختار رسول الله – صلى الله عليه وسلم - الحبشة، كملجأ من الاضطهاد الذي كان يعانيه المسلمون في مكة، لأسباب عديدة. منها عدل حاكمها، والجوار الجغرافي، وصلة القربى بها.
كان هذا الوصول أول احتكاك. للمسلمين مع العالم الخارجي، وبقيت المجموعة المهاجرة مدة من زمن ثم عادت إلى شبه الجزيرة بعد أن تركت انطباعا جيدا في نفوس أهل الحبشة نظر لما رأوه من أخلاق المهاجرين الحميدة.
وليس غريبا أن يسلم البعض من أهل الحبشة. فقد ورد في السيرة النبوية أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة الغائب لما أدركه نبأ وفاة النجاشي وأخبر الصحابة بأنه كان يكتم إسلامه.
الإسلام في الحبشة؟
الإسلام في إثيوبيا وفقاً للتعداد الوطني لعام 1994، فإن الإسلام، الذي وصل البلاد سنة 615م(1) هو الدين الثاني الأكثر انتشارا في إثيوبيا بعد المسيحية. يزيد عدد المسلمين عن 25 مليون أي 33.9 ٪ مجموع سكان إثيوبيا حسب تعداد عام 2007(2)
يؤكد كتاب حقائق العالم المرتبة الثانية للإسلام كدين الأكثر ممارسة على نطاق واسع في إثيوبيا، مشيرا إلى أن نحو 45 في المئة من سكان إثيوبيا هم مسلمون. الإسلام هو الدين الرئيسي في عدة مناطق.(3)
أما أحمد محمود السيد، فقد ذكر أنه وفقا لتقديرات عام 2006م، فإن عدد سكان إثيوبيا يقدر بـ 75 مليون نسمة، ونسبة المسلمين تتراوح ما بين (55-65%) من إجمالي السكان: أي حوالي 48 مليون مسلم(4)
تمثل أول وصول للإسلام إلى الحبشة في عدد صغير من المهاجرين من الصحابة -رضوان الله عليهم- في العام الخامس من البعثة النبوية، غير أن الوصول الفعلي للإسلام إلى الحبشة جاء عن طريق محورين رئيسيين هما:
أولا المحور البحري من بلاد العرب عبر البحر الأحمر ومضيق عدن:
فبعد أن استقر الإسلام بجزيرة العرب نُقلت الدعوة خارج الجزيرة، ففي سنة عشرين هجرية أرسل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- سرية بحرية لتأديب قراصنة البحر الأحمر من الأحباش، ورغم عدم توفيق هذه السرية، إلا أن الدولة الأموية أرسلت قوات بحرية احتلت جزر دهلك قرب الشاطئ الإرتري، واتخذت الدعوة الإسلامية طرق التجارة، فانتشرت تحت جناح السلم،وظهرت جاليات عربية مسلمة في مدن الساحل، مثل: باضع، وزيلع، وبربرة، وبدأ نفوذ الدعوة ينتقل إلى الداخل في السهول الساحلية، وفي صلب الحبشة.
وما أن حل القرن الثالث الهجري حتى ظهرت إمارات إسلامية في النطاق الشرقي، والجنوبي الشرقي من الحبشة، ودعم هذا الوجود الإسلامي، هجرة بعض الجماعات العربية. وزاد اعتناق أبناء البلاد للإسلام، فظهرت سبع إمارات إسلامية في شرقي الحبشة وجنوبها، فكانت إمارة شوا الإسلامية سابقة عليها جميعًا، وتأسست شوا على أيدي نسل (هشام المخزومي)، وكشفت عنها الوثيقة التي اكتشفها المستشرق الإيطالي (شيرولي)، ونشرها في سنة 1355هـ - 1936م، واستمرت هذه الإمارة من القرن الثالث وحتى نهاية القرن السابع، وإليها يعود الفضل في وصول الإسلام إلى قلب هضبة الحبشة، لذلك كانت هذه الإمارة في عزلة عن العالم الخارجي.
ولما ضعفت في أواخر أيامها برزت إمارات أخرى، ولقد مدت إمارة شوا الدعوة إلى حوض النيل الأزرق، وورثت دولة أوفات إمارة شوا، ولقد برزت أوفات كأقوى الإمارات الإسلامية السبع بالحبشة، وهي: دوارو، واربديني، وهدية، وشرخا، وبالي ودارة.. ولو أُتيح لهذه الإمارات الاتحاد لتغير وجه تاريخ الحبشة، غير أن التفكك والضعف جعلها تخضع لملوك الحبشة.
وأمام التحديات ظهر حلف إسلامي من الإمارات السابقة، وجند له ملوك الحبشة، فلقد قضي الإمبراطور (عمد أصيون) على دولة أوفات، في سنة 729هـ، وأسفرت الاشتباكات عن عقد هدنة مع التحالف الإسلامي، بعد تدخل المماليك وهددوا ملوك الحبشة، ولم تدم الهدنة طويلًا، واشتد الصراع مرة أخرى، خصوصًا بعد عقد مؤتمر فلورنسا بين الكنيسة الغربية والكنيسة الشرقية في سنة 857هـ - 1453م، وحضره مندوب عن الحبشة.
وتكرر الصراع عدة مرات، وقامت إمارات أخرى في غمرة هذا الصراع، وبرزت من بينها إمارة عدل الإسلامية، ثم إمارة هرر، ولما ضعفت حركة المقاومة، قاد الأئمة الجهاد ضد الأحباش، وظهر الشيخ أبو عبد الله الزيلعي وجمال الدين عبد الله بن يوسف، ثم برز الإمام أحمد بن إبراهيم، والذي لقب (الجري) أي (الأشول)، وخاض غمار حرب عاتية، استولى فيها على مناطق عديدة من الحبشة، فبحلول سنة 942هـ - 1535م، كان قد استولى على وسط الحبشة وجنوبها، ثم استولى على عاصمة الحبشة، وطارد ملكها، الذي استعان بالصليبيين، وكان ملوك الحبشة على صلة بهم منذ الحروب الصليبية بالشام، وكانت الاتصالات تتم عن طريق دير حبشي في بيت المقدس، وبعد هزيمة الصليبيين في الشام وفد عدد من جواسيسهم على البلاد الإسلامية، في محاولات للاتصال بملوك الحبشة، تمهيدًا لعودة الحروب الصليبية، وأسفرت الاتصالات عن تكوين حلف صليبي، لعب البرتغاليون فيه دورًا رئيسيًا.
ميدان نصب ضحايا الحرب في مصوع
ولقد تدخل البرتغاليون في الحرب الدائرة بين الإمام أحمد (الجري) والحبشة، فوصلوا إلى ميناء مصوع في 948هـ - 1541م، وأخذوا في شق طريقهم نحو الداخل بمعاونة أمراء الحبشة، ونتيجة لهذا التحالف هزم الإمام أحمد في سنة (950هـ)، ثم استعان الإمام أحمد بالأتراك العثمانيين، فأرسلوا إليه نجدة من 900 جندي، وأحرز انتصارًا على التحالف الحبشي البرتغالي، ولكنه أخطأ في إعادة الأتراك، وأتى غزو الإمام أحمد بنتائج عظيمة لانتشار الإسلام في وسط الحبشة وفي سائر أنحائها، ومن أبرز هذه النتائج انتشار الإسلام بين قبائل الجلا، أورومو، وهكذا كانت ثمار المحور البحري الذي نقل الإسلام من جزيرة العرب إلى الحبشة.
ثانيا المحور البري: فجاء بالإسلام من الشمال، فبعد فتح مصر استمر تقدم الإسلام نحو الجنوب، وقام البجاة الذين تمتد أرضهم من حدود مصر الجنوبية حتى حدود الحبشة بنقل الإسلام عبر هذا المحور الشمالي. ولقد انتشر فريق من التجار العرب عبره، كانت منهم جماعات عديدة من جهينة وربيعة وقيس عيلان، وانتشر الإسلام بين البجاة، وقد أشار المسعودي إلى هؤلاء المسلمين عبر المحور الشمالي، وتقدم الإسلام إلى عيذاب وسواكن وتجاوزهما إلى الجنوب، والتقى المحوران في أرض الحبشة.
وساد الإسلام النطاق السهلي الساحلي في شرقي الحبشة، والمعروف الآن باسم إرتريا، كما توغل إلى المرتفعات الجنوبية، بل وصل إلى وسط الحبشة، واستمر الصراع بين المسلمين والمسيحيين، بل انتقل بين المذهبين المسيحيين الكاثوليكي، والذي وفد إلى الحبشة مع البرتغاليين، والأرثوذكسي المذهب الأساسي للمسيحيين الأحباش، وقد أدى هذا إلى مهادنة المسلمين بالحبشة، فأخذ الإسلام يزداد انتشارًا في ظل السلام.
صورة في موقع الأنبا تكلا القديس فرومنتيوس آبا سلامة أول أسقف لأثيوبيا رسمه بابا الإسكندرية
ثم عاد الاضطهاد في عهد الإمبراطور يوحنا في نهاية القرن الحادي عشر الهجري، وفي القرن التالي سادت الانقسامات الحكم الحبشي، وسيطر الجالا على الحكم، وانتشر الإسلام في هذه الظروف بين قبائل التيجري في القسم الشمالي من هضبة الحبشة، ثم تعرض المسلمون إلى الاضطهاد مرة أخرى في عهد الإمبراطور تيودور في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وفي عهد يوحنا من بعده، وقد دخل في صراع مع الثورة المهدية بالسودان، وفي عهد منليك خليفة يوحنا ظهر النفوذ الاستعماري، وأخذ في التدخل للسيطرة على العديد من مناطق شرقي أفريقيا. فإذا نظرنا إلى المنطقة ككل بما فيها إرتريا والأوجادين، نجد المسلمين أغلبية، ويشكل المسيحيون ثلث السكان، وإن جاز وصفهم بالأقلية فإنما هذا ينطبق على وسط الحبشة فقط، حيث يشكل المسلمون ربع سكان هذه المنطقة، فالمسيحية تتغلب عدديًّا بين قبائل تيجري والأمهرا وجوجام، أما وضع المسلمين في المنطقة ككل فيتمثل في النسب الآتية (51% مسلمون، 40% مسيحيون، 9% وثنيون).
وبما أن المسلمين في إرتريا يشكلون الأغلبية، وكذلك وضعهم في الأوجادين، وحيث إن المنطقتين من المعاقل الهامة للإسلام، كما أن الوضع البشري والتاريخي بهما يختلف عن الوضع في وسط الحبشة، لهذا تناولت وضع المسلمين في إرتريا والأوجادين كلا على حدة، وتتشابه الأحوال في بعض الأوجه، منها التحديات وظروف الانتشار والتعليم الإسلامي، فهذه سمات مشتركة؛ لذا فضلت معالجتها مع قضية المسلمين بالأوجادين.
ومن أبرز ملامح قضية الإسلام بهذه المنطقة الكفاح المشترك، فكما ظهرت جبهات تحرير إرتريا والأوجادين، ظهرت جبهة تحرير أخرى في قلب إثيوبيا، وهي جبهة تحرير التيجري في شمال وسط الهضبة الحبشية، وبدأت جولتها مع المجلس العسكري الحاكم في إثيوبيا، وخاضت معركة في مدينة (تسيرغا)، كما استولت على مدينتي فريس ماي، وإيداجا – أربي في سنة 1402هـ.
كذلك ظهرت الجبهة الإسلامية لتحرير أورومو، وهكذا تعبر هذه الجبهات عن حقيقة الوضع المتدهور داخل الحبشة، ولقد حدث تحسن ضئيل على أوضاع المسلمين بإثيوبيا، فبدأ المسلمون في بناء بعض المساجد والمدارس الإسلامية، وعاد التعليم الإسلامي إلى المدارس الملحقة بالمساجد، وجدير بالذكر أنه في العاصمة ثلاثة عشر مسجدًا، أبرزها مسجد النور وملحق به مدرسة إسلامية، ولقد تم إنشاء ست مائة مسجد ومصلى في خلال العشر سنوات الأخيرة.(5)
صورة في موقع الأنبا تكلا معمودية وزير ملكة كنداكة الخصي الحبشي بيد القديس فيلبس رسم تاسوني سوسنة 
إحصاء سكاني مسيَّس يُسقط ملايين المسلمين:
جاء في موقع رسالة الإسلام: انتقد مسلمو إثيوبيا التعداد السكاني الوطني الجديد الذي قدر أن نسبة المسلمين نحو 33.9 % من إجمالي عدد السكان، ووصفوا هذا التعداد بأنه غير دقيق. وأكدوا أن تعداد المسلمين الحقيقي في هذا البلد يراوح بين 45 و50 % من إجمالي عدد السكان.
وكانت (هيئة الإحصاء المركزية(CSA))، قد أعلنت عن نتائج الإحصاء السكاني الجديد لعام 2007م، وذكر الإحصاء أن إجمالي تعداد النصارى في إثيوبيا يقدر بنحو 62.1 % من إجمالي عدد السكان، يمثل منها النصارى الأرثوذكس 43.5 % والنصارى الكاثوليك 18.6 %.
وذكر مراسل صحيفة (جيما تايمز) في مدينة (أورومو) أن الإحصاء قد طالته انتقادات عديدة من بينها حدوث أخطاء في طريقة إجرائه، فضلاً عن تأثره بالانقسامات السياسية والعرقية والدينية في هذا البلد.
وقد ظهر عدم الرضا بين المسلمين على نتائج الاستطلاع في خطاب اثنين من محطات الراديو الإسلامية التي تبث من أوربا وهما راديو (نجاشي) وراديو (فرست هجرا)، فقد رفضت المحطتان نتائج الإحصاء، مؤكدة أنه أسقط من حساباته ملايين المسلمين.
وانتقدت المحطتان بعض النصارى الذين يرددون شعارات خطيرة قد تضر بالوحدة الوطنية لإثيوبيا، وتزعم أن إثيوبيا أصبحت "جزيرة مسيحية".
ورغم الظلم البيَّن الذي طال المسلمين في هذا الإحصاء، حيث رفع من تعداد النصارى في هذا البلد، فإن النصارى لم تعجبهم أيضاً نتائج الإحصاء وشككوا في دقة أرقامه.
فقد رفض بعض النصارى الإنجيليين نتائج الإحصاء، زاعمين أن أرقام تعدادهم يجب أن تزيد عما جاء في الإحصاء بنحو 7 % ليشكل عددهم نحو 25 % من تعداد السكان في هذا البلد. وزعموا أن المسلمين تم تمثيلهم في البرلمان وحكومة "مليس زيناوي" بشكل أكبر من نسبتهم الحقيقية في هذا البلد.
وقد رفض المسلمون التصريحات الصادرة عن النصارى الإنجيليين، مشيرين إلى أنها تهدد السلم الاجتماعي في هذا البلد. ونصح مذيع راديو (فرست هجرا) النصارى الإنجيليين بتوخي الحذر من أجل الحفاظ على السلم الاجتماعي في عموم إثيوبيا، قائلاً: "دعونا نكون يقظين إلى أشكال التطرف وعدم التسامح التي يحملها بعض النصارى والمسلمين".
وفي الغالب يُمثل المسلمون نحو 65% من سكان إثيوبيا، أي أكثر من 43 مليون نسمة، حسب بعض الإحصائيات..ورغم أن الأغلبية من المسلمين، فإن المراكز السياسية السيادية كلها في يد المسيحيين، فرئيس الجمهورية مسيحي، وكذلك رئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب ونوابه.
اللغة في إثيوبيا:
تعتبر اللغة الأمهرية اللغة الرسمية لإثيوبيا، وهذه اللغة لها حروف خاصة، كما توجد لغات أخرى في بعض الأقاليم، كاللغة الأورومية، واللغة التجراوية. وفي الإقليم العفري يتحدث الكثير من السكان العربية، ولما كانت اللغة العفرية لهجةً، فمعظم كتاباتهم بالعربية. كما أن السكان على الحدود مع السودان يجيدون العربية كتابة وتحدثاً.
تُدرس اللغة العربية في المنطقة العفرية في الكتاتيب أو المساجد، حيث أن مدارس الدولة ليس في منهجها اللغة العربية أو الدين الإسلامي..كما يوجد وعي ديني مرتفع في بعض المناطق، خاصة تلك التي رزقها الله بعلماء تعلموا في السعودية أو في الأزهر أو غيرهما من المراكز الإسلامية في الدول العربية، وكثير من المناطق الأخرى تفتقر إلى الوعي الديني، لدرجة أن نساء البدو الرعاة هم نصف عراة رغم انتمائهم إلى الدين الإسلامي.
أوضاع المسلمين بإثيوبيا
يوجد في إثيوبيا تسعة أقاليم، وبكل إقليم برلمان ورئيس، بعضها أقاليم غنية، وبعضها يعاني الفقر كإقليم العفر الذي يعاني من الفقر المدقع والجوع والعطش. كما توجد أعلى نسبة وفيات بين الأمهات عند الولادة والأطفال حديثي الولادة وفقا لتقديرات اليونيسيف، نتيجة لنقص الخدمات الطبية، مما أدى أيضاً إلى انتشار العديد من الأمراض والأوبئة.
ورغم أن المسيحيين أقلية، فإن للكنيسة تأثيراً قوياً لدرجة أنها شرعت في بناء كنائس من غرفة واحدة في الإقليم العفري، بحجة أن بعض القساوسة الرهبان يتعبدون في هذه المنطقة، رغم أن جميع العفر من المسلمين، وقد هدم العفر بعض تلك الغرف، إلا أن الحكومة النصرانية تصدت لهم..فيما يتعلق بالدعوة الإسلامية، فليس مسموحاً أن تكون دعوة مفتوحة، أي تبشير إسلامي مباشر، لكن من الممكن فتح مدارس يتعلم فيها الناس اللغة العربية والقرآن.
وحول أوضاع المسلمين بإثيوبيا خلال العقدين الآخرين يقول الدكتور عطا كنتول - الأستاذ في كلية التربية جامعة أم درمان الإسلامية- إن أكثر مسلمي أثيوبيا سُنة شافعية وقلة منهم أحناف ومالكية، وهنالك قلة من الزيود والإسماعيلية، وينخرط معظم مسلمي إثيوبيا في الطرق الصوفية.
تُعد إثيوبيا ضمن الأحد عشرة دولة الأكثر قومية مسلمة في العالم، إذ إن عداد المسلمين في أثيوبيا أكثر من مسلمي المملكة العربية السعودية أو السودان أو العراق أو أفغانستان.
ورغم الوجود المعتبر للمسلمين في إثيوبيا نجد أن المؤرخين الإثيوبيين والأجانب يميلون للنظر لإثيوبيا كدولة مسيحية، ولو أنهم أمعنوا النظر في الإسلام في أثيوبيا سيرون بأنه يمثل تمدد جغرافي كبير، ولعل تلك النظرة مردها إلى أن إثيوبيا تتألف من كتلة مسيحية مسيطرة بقوة الذين يعيشون في الهضاب واستأثروا بالحكم والسلطات في معظم الفترات في أثيوبيا.
كما أن المجموعات المسلمة كانت منها مجموعات مبعثرة رعوية ساكنة المناطق المنخفضة. وحتى المرتفعات التي تسيطر عليها المجموعات المسيحية بها أقليات مسلمة بين مجموعتي الأمهرا والتغراي اللتين تناوبتا على الحكم في إثيوبيا، وكانت تلك الأقلية المسلمة في المرتفعات لغتها القومية إما تغرينية أو أمهرية
ينتشر المسلمون في أثيوبيا في معظم الأقاليم الجغرافية وبين معظم المجوعات العرقية كما شاركوا في الحياة القومية، ويتمركزون بدرجة كبيرة في المناطق الشرقية والجنوبية الشرقية والغربية الشمالية ويتكونون من الجماعات الإثنية التالية: الأورومو والصوماليون، والعفر والساهو والجوارح والسيدامو والأموك والفارا والبرت ومجموعات من الأمهرا والتغراي، حيث أن الأورومو الذين يقاربون نصف سكان أثيوبيا غالبيتهم مسلمين إذ يقارب الـ 80% من المسلمين.
كما أصبحت أعداد المسلمين بين الأمهرا والتغراي تتجاوز الـ 15% أي ما يقارب الثلاثة ملايين ويشكل المسلمون في العاصمة أديس أبابا أكثر من الثلث.(6)  
فالمسلمون في إثيوبيا يشكلون الأغلبية إلاّ أنهم لا يحظون بنفوذ سياسي يتناسب مع هذا العدد الكبير، وهذا يعود إلى المعاناة الشديدة من نظم الحكم المتتالية، سواء في الإمبراطورية أو الجمهورية؛ إذ يُنظر إليهم على أنهم أعداء البلاد، حيث يتم هدم مساجدهم ومؤسساتهم الدعوية وعلى الرغم من تغير الأوضاع بعد سقوط النظام الشيوعي وصياغة دستور إثيوبي يسوِّي بين جميع الديانات، وتزايد اهتمام الحكومة الحالية بأوضاع المسلمين، وتبني خطط تنموية لمناطقهم إلاّ أن هذا الأمر لم يواكبه صعود سياسي للمسلمين أو تزايد لتمثيلهم في مجلس الوزراء وحكام الولايات.
أما أعداد المدارس فهي محدودة في كل الأراضي الإثيوبية وخصوصًا في مناطق المسلمين، لدرجة أن مسلمي إثيوبيا قد اعتمدوا على المسجد كمؤسسة أولى لمكافحة الأمية، وقد لعب المسجد دورًا تاريخيًا في هذا الصدد، إلاّ أن أوضاع المساجد لا تقل حالتها سُوءًا عن المدارس، لدرجة أن أديس أبابا فقط كانت تضم في السابق أكثر من مائة وستين مسجدًا، غير أن هذا لا يعني أن المسلمين قد استسلموا لهذه المشكلة بل إن هناك صحوة كبيرة في البلاد في الإقبال على التعليم بمختلف أنواعه، وكذلك على حفظ القرآن الكريم، انطلاقاً من قاعدة أن التعليم هو السبيل الوحيد لاستعادة المسلمين لوضعهم في المجتمع الإثيوبي.(7) 
صور من اضطهاد المسلمين في إثيوبيا بين الماضي والحاضر:
يفخر مسلمو إثيوبيا بكونهم أول مجتمع في العالم احتضن الإسلام عام 615م، عندما هاجر المسلمون من مكة إلى هناك بعد تعرضهم للاضطهاد في المجتمع العربي..ففي شهر رجب من العام الثامن قبل الهجرة هاجر إلى الحبشة عدد من الصحابة – رضي الله عنهم- وهبطوا في مدينة مصوع، وأحسن النجاشي استقبالهم، واستمع إليهم، وصدقهم، ورد وفد قريش الذي جاء يطلب تسليمهم له..وقد أسلم النجاشي يوم ذاك واختلف مع بطارقته الذين حقدوا على المسلمين حسداً من عند أنفسهم. واستمر حقد الكنيسة بعدها يزداد، وتشحنه الأحداث التي تشهدها ساحات القتال بين المسلمين والروم، إذ يغيظ رجال الكنيسة نصر المسلمين وهزيمة أبناء عقيدتهم النصارى.
إمارة عدل
ولما تقدم المسلمون في أرض الروم ولم يعد بإمكان الروم الثبات في ميادين الحرب أمام المسلمين قاموا يحرضون الأحباش على التحرك من جانبهم عسى أن يخفف الضغط على الروم.
ووجد الأحباش الفرصة المناسبة للأحداث التي وقعت في المجتمع الإسلامي من فرقة في الكلمة، وخلاف في الرأي فقاموا يريدون إثارة الفزع لدى المسلمين الآمنين البعيدين عن المعارك، فشجعوا بعض القراصنة الأحباش على الإغارة على جدة، فقاموا بالسطو عليها، وتدمير السفن الراسية هناك. وقتلوا من استطاعوا قتله ونهبوا أموالاً كثيرة، ولاذوا بالفرار تحت جنح الظلام وذلك عام 83هـ أيام عبد الملك بن مروان الذي أرسل حملة استولت على جزر دهلك وجعلتها قاعدة لها، إذ أقامت فيها حامية لرد أي عدوان. فدب الرعب في نفوس الأحباش ولم يحركوا ساكنا ولم يقفوا أمام التجار المسلمين الذين استطاعوا نقل الإسلام..ولم ينتهي القرن الأول الهجري حتى كان التجار المسلمون قد بنوا مدينة هرر التي غدت مركزاً إسلامياً.
تمثال الإمبراطور منليك الثاني أمام كاتدرائية القديس جورج في أديس أبابا، يونيو 1931
ولم تخضع هرر في تاريخها لسلطان الدولة الأمهرية حتى عام 1314هـ - 1896م عندما احتلها الإمبراطور منليك الثاني بالقوة التي بعثها إليها بقيادة ابن عمه (رأس مكتن) والد الإمبراطوري هيلاسيلاسى.
كانت المملكة النصرانية في الحبشة تسيم رعاياها المسلمين خسفاً وتتخذ كل الوسائل لإذلالهم وقهرهم ولا تتوانى في قتلهم..ولم يكن أمام المسلمين هناك من وسيلة سوى الاستنجاد بإخوانهم المسلمين في ديار الإسلام. ففي القرن الثالث الهجري استنجد مسلمو الحبشة بسلطان مصر ابن طولون، وطلب بطريرك مصر من بطريرك الحبشة كف الأذى عن المسلمين، غير أن ملك الحبشة ازداد إصراراً على أذاهم وإمعاناً بقتلهم، كما هدد بقطع نهر النيل.
(1) التحالف النصراني بين الأحباش والبرتغاليين
في القرن العاشر وصل الاحتلال الغربي البرتغالي إلى المنطق، وانتصروا على المماليك أصحاب النفوذ البحري في تلك الجهات..واستطاع البرتغاليون الاستيلاء على مدينة (زيلع) وحرقها، وشعرت ملكة الحبشة (إليني) بنشوة النصر الصليبي فتحركت وأرسلت رسالة إلى ملك البرتغال عمانوئيل تقول فيها:
".. السلام على عمانوئيل سيد البحر وقاهر المسلمين القساة الكفرة. تحياتي إليكم ودعواتي لكم، لقد وصل إلى مسامعنا أن سلطان مصر جهز جيشاً ضخماً ليضرب قواتكم، ويثأر من الهزائم التي ألحقها به قوادكم في الهند، ونحن على استعداد لمقاومة هجمات الكفرة بإرسال أكبر عدد من جنودنا في البحر الأحمر وإلى مكة أو جزيرة باب المندب. وإذا أردتم نسيرها إلى جدة أو الطور،وذلك لنقضي قضاءً تاماً على جرثومة الكفرة. ولعله قد آن الأوان لتحقيق النبوءة القائلة بظهور ملك نصراني يستطيع في وقت قصير أن يبيد الأمم الإسلامية المتبربرة. ولما كانت ممتلكاتنا متوغلة في الداخل وبعيدة عن البحر الذي ليس لنا فيه أو سلطان فإن الاتفاق معكم ضروري إذ إنكم أهل بأٍس شديد في الحرب البحرية".
ملك البرتغال عمانوئيل
هذا التحالف النصراني بين الأحباش والبرتغاليين قد شجع الأحباش للقيام بهجوم واسع على السلطنات الإسلامية في شرق الحبشة. كما أنه شجع البرتغاليين لتوسعة دائرة نفوذهم في المشرق ومحاربة المسلمين ما داموا قد وجدوا لهم أعواناً من النصارى من أهل المشرق.
كانت الخلافة الإسلامية قد آلت إلى الدولة العثمانية بعد دخولها مصر عام 923هـ، فسيطرت على البحر الأحمر وأسست أسطولاً فيه، جعلت قاعدته مدينة زيلع؛ فقوى ذلك من عزيمة المسلمين، وقاموا يهاجمون الأحباش النصارى واستعادت سلطنة عدل الإسلامية مجدها، فطلبت الحبشة من أوروبا عامة ومن البرتغال خاصة المساعدة، وعرضت أن تكون كنيسة الحبشة تابعة للكنيسة الكاثوليكية في روما مع الاحتفاظ بالمذهب الأرثوذكسي، وكان ذلك عام 942هـ.
وكانت اليمن قد مدت سلطنة عدل بقوة عندما دعمت البرتغال الحبشة فاستطاع الإمام أحمد بن إبراهيم – سلطان عدل- فتح مقاطعة تجرة عام
945-947هـ.
الامبراطور هيلا سيلاسي الذي حكم بقبضة من حديد حتى عام 1975، وأطيح به في ثورة ماركسية.
(2) هيلاسلاسى إمبراطور الحبشة
هيلاسلاسى إمبراطور الحبشة وحاكمها طيلة ستين سنة، طاغية صليبي نذر نفسه طوال حياته لحرب الإسلام والمسلمين والتنكيل بهم في كل موطن.
كان هيلاسيلاسى يشغل منصباً عسكرياً في الحبشة يسمى رأس تفاري وهو قيادة الجيش المدافع عن الكنيسة الأثيوبية، وقد كلفته الكنيسة الأثيوبية بمحاربة إمبراطور الحبشة المسلم ليج أياسو، وقد نجح هيلاسيلاسي في حربه وقتل ليج أياسو وأصبح وصياً على العرش سنة 1339هـ، ثم أصبح إمبراطور الحبشة سنة 1348هـ ـ 1930م.
منذ أن تولى هيلاسيلاسي منصب إمبراطور الحبشة أخذ في التنكيل بالمسلمين واضطهدهم اضطهاداً قاسياً مدفوعاً بصليبية مقيتة وتحريض القوى الاستعمارية، ولما احتلت إيطاليا الحبشة سنة 1354هـ ـ 1935م فر هيلاسيلاسي إلى لندن وظل بها حتى سنة 1361هـ ـ 1942م، ثم عاد إلى الحبشة بعد هزيمة إيطاليا في الحرب.
أضفت الكنيسة الأثيوبية طابع "القداسة" على هيلاسيلاسي وأفعاله القذرة ضد المسلمين، فكان يحكم البلاد حكماً استبدادياً مطلقا لا يقبل نقاشاً ولا مراجعة لقراراته، وقد أعلن أنه يريد أن يقضي على الإسلام صراحة دون مواربة، فمنع تدريس اللغة العربية وأغلق المدارس والكتاتيب وأقام علاقات وثيقة مع اليهود في فلسطين، وشرد السكان المسلمين وحل محلهم النصارى وسلمهم الأراضي المملوكة للمسلمين، وخلخل التركيبة السكانية في المناطق ذات الكثافة الإسلامية المرتفعة, وقام بعدة مذابح لمنْ يثور من المسلمين كما حدث مع مسلمي القراقي سنة 1362هـ، ومسلمي قرية يجو سنة 1367هـ، ومأساة هرر البشعة مازالت ذكراها عالقة بأذهان مسلمي الحبشة.
ظل هيلاسيلاسي يسوم المسلمين الذين كانوا يمثلون الأغلبية من سكان الحبشة يوم أن تولى الحكم سوء العذاب، بل لا يرى لنفسه هدفًا إلا ذلك، وقد أدى تركيزه على حرب المسلمين لأن يُهمل شؤون البلاد التي كانت تعيش في فقر مدقع، زاد من حدته موجة الجفاف والقحط الشديد الذي ضرب البلاد وأدى إلى مجاعة شاملة، فقامت مجموعة من الضباط في الجيش بانقلاب عسكري على الطاغية هيلاسيلاسي سنة 1394هـ ـ 1974م، وتم إلقاء القبض عليه وإيداعه في السجن المظلم الذي طالما أودع فيه عشرات الآلاف من المسلمين، وفي هذا السجن هلك الطاغية في 6 شعبان 1395هـ ـ 23 أغسطس 1975م.
(3) أحداث مأساوية:
(أ) مأساة قرية القراقي
بعد عام من عودة الديكتاتور هيلا سيلاسي إلى الحكم (في 1942م)، وبعد أن أتم استئناف برامجه لتنصير المسلمين جاءت الهيئات التنصيرية السويدية بإيعاز منه إلى منطقة القراقي الإسلامية، التي لا يوجد فيها نصراني واحد، أو يهودي أو وثني، إذ لا يوجد فيها إلا مسلمون.
فهب شيخ المنطقة عبد السلام يطالب – عن طريق القانون – منع دخول المُنصرين إلى هذه المقاطعة الإسلامية تجنباً لما قد يحدث من أضرار لأولئك المُنصرين لعدم وجود الوعي الكافي عند السكان، فاتهمته السلطات الدكتاتورية بأنه يبيت "العدوان" على المُنصرين، وزجت به في السجن..
عند ذلك احتشد المسلمون في تلك المنطقة أمام بيت الحاكم الأمهري وطلبوا منه الإفراج عن الشيخ، فأغلظ لهم في القول وهددهم بإطلاق النار عليهم إذا لم يعودوا إلى منازلهم، ولكنهم رفضوا العودة وطلبوا منه التفاهم. فدخل إلى قصره بعد أن أمر جنوده بأن يتصرفوا تصرفاً حازماً.
أخذ الجنود يضربون المسلمين العزل بأعقاب البنادق تلاه إطلاق النار. وما هي إلا لحظات حتى تفرق المجتمعون مخلفين وراءهم عشرات القتلى والجرحى، وقُضي على الشيخ في السجن بطريقة غامضة..فانتقم الأهالي بإحراق مراكز التنصير، فقام هيلا سيلاسي بمنح أراضيهم الزراعية للمُنصرين، وتشرد من نجا من الرصاص بعد أن انتزعت أراضيهم التي هي مصدر حياتهم، وأصبحت تلك القرية نصرانية بعد أن كانت مسلمة خالصةً.
(ب) تدمير قرية يجو
في شهر صفر 1367هـ - ديسمبر 1947م رفض المسلمون في قرية يجو أعمال السخرة في مزارع الإقطاعيين الأحباش، كما رفضوا دفع ضريبة الكنسية المتزايدة من أجل بناء الكنائس ومراكز التنصير لمحاربة الإسلام، فأبيدت القرية أسوأ إبادة، بعد أن أحرقت مساجدها وزج بعلمائها في السجن.
(ج) مأساة هرر
في عام 1948م هبت هرر تطالب بحقوقها العادلة، فجهزت لها الحكومة الغاشمة ثلاثة ألوية من الجيش اقتحمت المدينة وعملت فيها السلب والنهب فصودرت المتاجر والمزارع والمدارس واعتقل الآلاف فامتلأت السجون وأقيمت محاكم التطهير، وأُخذت أوقاف المساجد وأُبعد الزعماء وتعرض الناس لأشد أنواع العذاب. وكان التعذيب وحشياً لم يقتصر على إطفاء السجاير في الأجساد أو تعرض الناس للشمس اللافحة في حالة من الجوع والظمأ الشديدين، وقد وُضعت على مقربة منهم براميل من الماء والطعام، أو هتك الأعراض على مرأى من الأزواج والآباء.. بل تعداه إلى دق خصيات الرجال بأعقاب البنادق وإلى قذفهم بين أسلاك شائكة تمزق أجسادهم والجنود يتلذذون بذلك المنظر الوحشي..واستمرت هذه الأعمال الوحشية سبعة أشهر كاملة.
(4) اليوم المسلمون يتعرضون للاضطهاد والتمييز والقمع:
منْ ينظر إلى حال الإسلام والمسلمين في أثيوبيا اليوم يكاد لا يصدق أنها كانت في يوم من الأيام دار الهجرة الأولى التي هاجر إليها صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، ويكاد لا يصدق أيضا أن رئيسها الحالي ورئيس وزرائها ورئيس مجلس النواب وغالب نوابه من النصارى؛ رغم أن نسبة المسلمين في هذا البلد الكبير تتخطى 65% من سكان إثيوبيا، أي أكثر من 43 مليون نسمة.
فالمسلمون في إثيوبيا يعيشون مأساة حقيقية رغم كثرتهم، في مقابل سيطرة النصارى على كافة المناصب السياسية والسيادية، ولذلك تصْدر من حين لآخر الكثير من الإجراءات والقرارات التعسفية للتضييق على المسلمين بهدف وقف المد الإسلامي وحصر مجالات الدعوة إلى الإسلام.
حيث تُكثر الحكومة التي يسيطر عليها النصارى من الاعتقالات في صفوف المسلمين، كما يعيش المسلمون في إثيوبيا مشاكل أخرى عديدة بسبب رميهم بتهم  كالإرهاب والتعصب المذهبي، إلى غير ذلك من المشكلات.
(أ) منظمة "هيومن رايتس ووتش"- الأمريكية العاملة في مراقبة أوضاع حقوق الإنسان
فقد أكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش"- الأمريكية العاملة في مراقبة أوضاع حقوق الإنسان- أن المسلمين في "إثيوبيا" يتعرضون للاضطهاد والتمييز والقمع؛ وذلك من خلال استعمال الحكومة لقوانين مكافحة الإرهاب في التضييق على المسلمين، وقمع نشاطاتهم والتدخل في شؤونهم الدينية وتشويه صورتهم.
وقد أكد "ليسلي ليكفو" - ممثل المنظمة بـ"إثيوبيا" - أن المسلمين يتعرضون لاضطهاد بدوافع سياسية تؤدي لاعتقال القيادات والنشطاء الذين ينظمون المظاهرات السلمية للتعبير عن استنكار تدخل الحكومة في شؤونهم الدينية، والتي تتمثل في رفض اعترافهم بالأحباش كطائفة إسلامية في حين يلقى الأحباش التأييد الحكومي.(7)
(ب) ليُسمع صوتنا في كافة المدن:
مؤخرا احتشد مئات الآلاف من مسلمي إثيوبيا في العاصمة أديس أبابا وغيرها من المدن للمطالبة بحرية ممارسة شعائرهم الدينية، واحتجاجا على استمرار الاعتقالات في صفوفهم، وطالب المحتجون بالإفراج عن المعتقلين من لجنة ممثلي مطالب مسلمي إثيوبيا لدى الحكومة.
وقد ازداد غضب المحتجين بسبب ظهور فيلم على القناة الرسمية الإثيوبية يتهم أعضاء لجنة ممثلي مطالب مسلمي إثيوبيا لدى الحكومة بالإرهاب وينعتهم بالتطرف، دون إدانة من قبل المحكمة.
كما طالب المحتشدون، الذين رفعوا شعار "ليسمع صوتنا في كافة المدن"، بما اعتبروه حقهم في ممارسة شعائرهم الدينية دون تدخل السلطات، وأعربوا عن غضبهم من طول تجاهل مطالبهم الدستورية.
وكان ناشطون في حركة "ليسمع صوتنا" الإثيوبية قد دعوا المسلمين في مدن عدة إلى الخروج للاحتجاج على استمرار اعتقال السلطات الإثيوبية مفكرين وعلماء قادوا مطالب المسلمين بحرية ممارسة شعائرهم.
جدير بالذكر الإشارة إلى أن هناك خداعا إعلاميا يهدف إلى تصوير المسلمين في إثيوبيا على أنهم أقلية بالمقارنة بالنصارى، وهو أمر يخالف الحقيقة، فالمسلمون في إثيوبيا كما ذكرنا يمثلون الغالبية العظمي من الشعب الإثيوبي، ولولا التضييق عليهم، وتزايد الجمعيات المسيحية الأجنبية، وتزايد نفوذ الكنيسة ونشاطاتها للدعوة للمسيحية، لما بقى للمسيحية أي وجود في إثيوبيا.
كما يعاني المسلمون في إثيوبيا من كثير من السياسات العنصرية، ومن ذلك إغلاق مكاتب بعض المؤسسات الإسلامية الدولية لا سيما بعد أحداث 11 سبتمبر 2001م من قبل الحكومة الإثيوبية.
إلى جانب ذلك فإن الحالة التعليمية لمسلمي إثيوبيا تتسم بالسوء الشديد مقارنة بالنصارى، وقد أدى ذلك إلى حرمانهم من المراكز القيادية في الدولة، وهو هدف سعت إليه الكنيسة الإثيوبية والنصارى، فقد كان لسياسات الإفقار ونشر الجهل والإقصاء عظيم الأثر في التأثير على الحالة الإسلامية في إثيوبيا بصفة عامة. (8)
(ج) اعتقال الصحفيين لإصدارهم مجلة حول أوضاع مسلمي "إثيوبيا".
طالبت منظمة "بدر إثيوبيا" من منفاها بـ"الولايات المتحدة" السلطات الإثيوبية بالإفراج عن الصحفيين الذين اعتقلوا مؤخرا لإصدارهم مجلة حول أوضاع مسلمي "إثيوبيا".
وقد أُشير إلى أن الاعتقال جاء على خلفية انتقاد المجلة لسياسات الحكومة الإثيوبية تجاه المسلمين وانتهاك حقوقهم الدينية؛ حيث طالبت الحكومة باحترام حقوق المسلمين في ممارسة شعائر دينهم بحرية، واستنكار قمع الصحافة الذي جعل "إثيوبيا" تأتي في المركز 139 في ترتيب الدول التي تتمتع بحرية الصحافة من بين 178 دولة، طبقًا لتقرير "صحفيون بلا حدود". (9)
(د) القمع الأمني الحكومي
دعا المجتمع الإسلامي بـ"إثيوبيا" إلى تنظيم مظاهرات حاشدة اعتراضًا على القمع الأمني الحكومي الذي أسفر عن العديد من القتلى خلال الأيام الماضية، وخاصةً حول المساجد التي شهدت مظاهرات سلمية اعتراضًا على التدخل الحكومي في الشؤون الدينية خلال العامين الماضيين.
وتأتي هذه التوترات في ظل دعم الحكومة الإثيوبية النصرانية لطائفة الأحباش، واعتبارها طائفة إسلامية بالرغم من الاعتراضات الإسلامية السنية، والمطالبة بعدم التدخل في الشأن الديني(10)
(س) جرحى ومعتقلون باحتجاج لمسلمين بإثيوبيا
قالت حركة تمثل المسلمين في إثيوبيا السبت إن نحو مائتي مسلم إثيوبي أصيبوا حين تدخلت الشرطة الجمعة لفض مظاهرات في العاصمة أديس أبابا.
وقال أحمد يان جبل محمد الناطق باسم الحركة التي يطلق عليها "لجنة المسلمين" إن المصابين نقلوا السبت إلى المستشفى لمعالجتهم من إصابات واختناقات بعد تعرضهم للقنابل المدمعة والضرب بالهراوات.
ووفقا للمتحدث نفسه, دخلت الشرطة الإثيوبية مسجدا في العاصمة كان بداخله نحو ستمائة شخص, وأطلقت قنابل الغاز على المحتجين وضربتهم بالهراوات.
بيد أن متحدثا باسم الحكومة الإثيوبية قال إن المتظاهرين أحدثوا فوضى خارج أحد المساجد في القسم الشرقي من أديس أبابا وأضروا بالممتلكات العامة، مما دفع الشرطة إلى التدخل واعتقال اثنين وسبعين منهم. ونفى المتحدث استخدام الذخيرة الحية, كما نفى وفاة أي شخص.
ومنذ ستة أشهر يتظاهر المسلمون الإثيوبيون (الذين يشكلون تقريبا ثلث السكان البالغ عددهم 93 مليونا) كل جمعة احتجاجا على ما يقولون إنه تدخل من جانب الحكومة في الشؤون الدينية, والتأثير على الإسلام الذي يتم تعليمه في مساجد أديس أبابا. (11)
(ص) مفوضية الولايات المتحدة للحريات الدينية الدولية
اتهمت "مفوضية الولايات المتحدة للحريات الدينية الدولية" الحكومة الإثيوبية باعتقال المتظاهرين المسلمين الأبرياء؛ مما يعد إحكامًا للسيطرة على الأقلية المسلمة قد ينتهي إلى حالة من عدم الاستقرار.
وقالت المفوضة في بيانها: إن الاعتقالات وتهم الإرهاب والسيطرة القمعية تدل على تصعيد مزعج في التحكم في الأقلية المسلمة، وتقديم دليل لاحق لتدهور الحريات الدينية في "إثيوبيا".
وأضافت: يجب على "الولايات المتحدة" إثارة القضية بـ"أديس أبابا"؛ فقمع المجتمعات الدينية بمزاعم الإرهاب يؤدي لمزيد من الإرهاب والتطرف وعدم الاستقرار والعنف. (12)
(ط) عشرات المسلمين القتلى و المئات الجرحى
سقط عشرات المسلمين قتلى وجُرح المئات واعتُقل الآلاف على إثر قيام الشرطة الإثيوبية بإطلاق النار على المسلمين الذين نظموا مظاهرة سلمية في العديد من المدن، للمطالبة بإطلاق سراح عدد من الدعاة الذين تم اعتقالهم.
 وقد شنّت الحكومة الاعتداءات البشعة بقنابل الغاز والرصاص الحي وإغلاق طريق المتظاهرين في العديد من المناطق عقب إعلان بيان يؤكد على أن الشرطة لن تتسامح مع بقاء المسلمين في مظاهرتهم، التي خرجت للتنديد بالاعتقالات وانتهاك حقوق المسلمين الدستورية وتعزيز مكانة "الأحباش" على حساب أهل السنة بـ"إثيوبيا" واعتبارهم طائفة مسلمة، وهو ما رفضه المسلمون السنة(13)
(ع) اعتقال تسعة وعشرين مسلمًا:
خرج العديد من المسلمين في مظاهرة حاشدة عقب صلاة الجمعة الماضية بـ"مسجد أنوار" بالعاصمة الإثيوبية "أديس أبابا"؛ للتعبير عن انتقادهم لممارسات القمع الحكومي؛ حيث قامت القوات الأمنية مؤخرًا باعتقال تسعة وعشرين مسلمًا واتهامهم بالتخطيط لإقامة إمارة إسلامية.
 وتأتي هذه الاحتجاجات في إطار سلسلة العنف الحكومي ضد النشطاء الإسلاميين التي شهدتها الفترة الماضية، والتي أدت لمقتل وإصابة العشرات من المسلمين في المصادمات التي وقعت بين الأمن والمسلمين؛ خاصةً مع تأكيد الزعيم الأثيوبي السابق "ميليس زيناوي" على قلق بلاده من ازدياد نشاط الأصوليين الإسلاميين.
وقد انتقدت المظاهرات أيضًا دعم الحكومة لفرقة الأحباش التي تعتبرها نموذجًا إسلاميًا تصفه بالاعتدال - وهو ما تؤكده الصحافة الأمريكية - وهذا بالإضافة لتدخل الحكومة لتعيين القادة الإسلاميين(14) .
(غ) جماهير أثيوبيا ترفع شعار "نصرة الإسلام" والتأكيد على اضطهاد المسلمين بأثيوبيا
حرص عدد كبير من جماهير أثيوبيا على حضور المباراة التي جمعت بين منتخبي أثيوبيا وزامبيا، ضمن مباريات المجموعة الثالثة في بطولة كأس الأمم الأفريقية المقامة حاليًا في جنوب أفريقيا، لنصرة الدين الإسلامي، وتوصيل رسالة إلى العالم عبر هذا المحفل القاري، للتأكيد على الاضطهاد الذي يعانى منه المسلمون في أثيوبيا.
ذكرت صحيفة "الهداف" الجزائرية، أن بعض الجماهير الأثيوبية التي حضرت المباراة أكدت أنها تم تهجيرها من وطنها الأم بسبب حالة التهجير والاضطهاد التي يعانى منها المسلمون في أثيوبيا، حيث ارتدوا قمصانًا مدون عليها "أثيوبيا هي أسوأ مكان يقيم به المسلمون".
أضافت الصحيفة أن الجماهير ترى أن إقامة المونديال الأفريقي في جنوب أفريقيا، يعد فرصة ذهبية، لإيصال صوتهم إلى العالم، للتعبير عما يعانون منه.
(م) أوجادين ومأساته
يقول أسامة التهامي – في موقع لواء الشريعة- إن إقليم أوجادين الصومالي رغم عروبته وإسلامه فإنه يرزح تحت الاحتلال الإثيوبي منذ عشرات السنين؛ حيث يمارس عليه كافة أشكال الضغط والإرهاب من أجل إخماد نار مقاومته، ووأد محاولات أبنائه للعودة مرة أخرى لأحضان الوطن والأمة الإسلامية، في حين تتفشى حالة من الصمت والتجاهل من قبل المسلمين الذين ربما تعددت مآسيهم وقضاياهم، فلم يعد يدرون أيها يتابعون أو يتضامنون، خاصة وقد زاد بلة طينهم سوء أحوالهم وتدهور أوضاعهم.
وتبلغ مساحة إقليم أوجادين على أقل تقدير حوالي أربعمائة ألف كيلو متر مربع، يعيش عليها ما يقرب من ثمانية ملايين معظمهم من المسلمين، في حين تقدر سلطات الاحتلال الإثيوبي هذا العدد بما يقرب من ثلاثة ملايين ونصف المليون نسمة، بهدف التقليل من أهمية قضية الإقليم الذي يطالب أبناؤه بالاستقلال والانضمام إلى أرض الصومال، منذ أن تقاسمت كل من بريطانيا وفرنسا التركة الإيطالية في دول القرن الإفريقي، في أعقاب هزيمتها في الحرب العالمية الثانية، حيث كانت ترزح الصومال بأجزائها المختلفة تحت نير الاحتلال الإيطالي فأضحت تخضع للاحتلال الفرنسي والبريطاني، غير أن الدولتين الأوروبيتين تعمدتا كعادتهما بعد انتهاء عصر الاحتلال إلى تجزئة المجزأ؛ فأهدت بريطانيا مستعمرتها (إقليم مانديرا) إلي كينيا فيما أهدت رَجلََها في إثيوبيا (هيلاسلاسى) إقليم أوجادين، وعملت فرنسا على انفصال الجزء الشمالي الشرقي المسمى الآن جيبوتي عن الصومال كشرط للخروج منه في حين قسمت بريطانيا ما بقي من الصومال إلى صومال إنجليزي وآخر إيطالي، واللذان شكلا فيما بعد الجمهورية الصومالية.
وعلى الرغم من أن الاستفتاءات الشعبية في الإقليميين الكيني والإثيوبي جاءت لصالح الاستقلال والانضمام إلى الصومال، إلا أنهما بقيا في نضال ضد الحكومات المركزية حتى سقوط نظام الرئيس الصومالي سياد بري عام 1990م، وبداية الحرب الأهلية ما أوقف الدعم عن الحركات النضالية المطالبة بالاستقلال في الإقليمين، ولتسقط أخر جهة عربية إسلامية يمكن عبرها تقديم الدعم لأهالي الإقليمين الذين شاركوا مع القوات الصومالية في حربين من أجل تحقيق الاستقلال: أحدهما محدودة عام 1964م، والأخرى شاملة عامي 1977/1978م ولتتواصل بعد ذلك المقاومة لسكان أوجادين، عبر ما يسمى بجبهة تحرير أوجادين من الاحتلال الإثيوبي في ظل أوضاع وظروف أقل ما توصف بأنها كارثية.
ثمة أسباب قوية دفعت إثيوبيا إلى التشبث بالسيطرة على إقليم أوجادين برغم الخسائر الفادحة التي تكبدتها جراء المقاومة الشرسة من ثوار الإقليم، فحسبما أكدت تقارير منظمات إثيوبية رسمية؛ فإن الإقليم يعد من أهم المناطق المهمة في القرن الإفريقي؛ وذلك لموقعه الاستراتيجي ولكونه محل الصراع بين الكنيسة والمسجد عبر التاريخ، وكذلك باعتباره همزة الوصل بين دول القرن الإفريقي، وهي جيبوتي وإثيوبيا والصومال وكينيا، كما يمر فيه نهرا شبيلي وويب، فضلاً عن احتوائه على مخزون كبير من المعادن والغاز الطبيعي والنفط، إلا أنه لم يُستغل بعدُ في حين تعاني المنطقة برمتها من نقص حاد في هذه المواد.
انتهاكات الجيش الإثيوبي بحق المدنيين في أوجادين
كتب المحلل السياسي باولو سلوبيك لصحيفة "شيكاجو تريبيون" مقالاً أماط فيه اللثام عن الوجه الحقيقي لما أسماه الحرب الخفية الدائرة في أوجادين، وأكد أن معاناة المدنيين من أبناء أوجادين بسبب استمرار الاعتداءات الإثيوبية تسجل وصمة عار في جبين العالم الحر الذي أدار ظهره لهذه الممارسات غير الإنسانية التي يتعرض لها شعب أوجادين منذ سنوات.
وأشار سلوبيك في مقاله إلى الاتهامات المستمرة التي توجهها منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان والهيئات المعنية بالحريات المدنية للإثيوبيين بسبب اعتمادها على ذريعة الشراكة مع الولايات المتحدة في الحرب ضد ما يسمى "الإرهاب" في منطقة القرن الإفريقي واستغلال ذلك في :
التنكيل بأهالي أوجادين،وتهجير قطاعات واسعة منهم من مناطقهم ،وحرمانهم من حقوقهم في الحصول على الغذاء،وتنفيذ حملة صارمة من التضييق والقمع بحق هؤلاء المدنيين.
ويقول كاتب المقال إنه ورغم النفي الإثيوبي للاتهامات الموجهة إلا أن الدلائل والحقائق الدامغة تثبت استمرار الجرائم التي تمارس بحق شعب أوجادين،واستشهد ببلدة جيجيجا وهي البلدة الوحيدة في منطقة أوجادين المحاصرة التي ما زالت مفتوحة أمام الصحافيين، حيث يسرد سكان هذه البلدة العديد من المآسي التي يتعرضون لها على يد القوات الإثيوبية بصورة يومية فما بين عمليات توقيف تعسفية إلى مداهمات للمنازل الآمنة واعتقال لرجال الأعمال والنشطاء والطلاب تحت دعوى الاتصال بجبهة تحرير أوجادين.
ويتحدث المواطن فرح محمد البالغ من العمر 60 عامًا وهو من سكان هذه البلدة في أوجادين عن أن الأهالي يعاملون من قبل القوات الإثيوبية كما تعامل الحيوانات فرغم إقدام هذه القوات على إحراق مناطق بكاملها بما فيها من بيوت ومزارع وماشية فإنها لا تزال تلاحق المشردين وتحرمهم من حقهم في الحصول على أية مساعدات إنسانية.

وقد كشفت الناشطة في مجال حقوق الإنسان جورجيت جانون وهي تعمل لحساب منظمة هيومان رايتس ووتش اللثام عن :
حملة الجرائم الوحشية التي ترتكبها القوات الإثيوبية بحق أبناء أوجادين،وأكدت أن هذه الحملة لا تستهدف فقط التضييق على جبهة تحرير أوجادين ولكنها حملة عقاب جماعي للقضاء على أي أمل في نفوس مسلمي أوجادين للخلاص من ربقة الاحتلال في يوم من الأيام.
وقالت جورجيت إن هناك أكثر من مائة ضحية من أهالي أوجادين سقطوا ضحايا لجرائم وانتهاكات دموية في فترة قصيرة، مشيرة إلى أن عمليات التعذيب والتنكيل بهؤلاء الضحايا كانت تشمل خنقهم بالحبال وسحلهم لمسافات طويلة وتعذيبهم بالكهرباء والحرق والاغتصاب والانتهاكات الجسدية.
كما حذرت لجنة حقوق الإنسان لإقليم أوجادين من تدهور أوضاع النساء والأطفال في الإقليم الذي تحتله إثيوبيا، وقالت إن حالات الاغتصاب والخطف زادت بصورة غير مسبوقة، مما ينذر بزيادة حجم المأساة.
ورصد التقرير 2256 حالة اغتصاب نساء قام بها جنود الاحتلال الإثيوبي أو من المليشيات التابعة لهم مما أسفر عن حالات حمل
سفاح وانتشار أمراض خطيرة مثل نقص المناعة المكتسب الإيدز، ويعزز التقرير أقواله بأسماء بعض الضحايا والقرى والمدن التي وقعت فيها الاعتداءات.
وقالت فوزية عبد القادر منسقة شئون المرأة والطفل باللجنة
التي تتخذ من سويسرا مقرًا لها :
إن استهداف النساء بهذه العمليات الوحشية سياسة ممنهجة تقوم بها القوات الإثيوبية والتابعون لها لإهدار كرامة المرأة وتدمير الأسرة وإجبارها على العيش في ذل وانكسار".
وكانت صحيفة أمريكية قد نشرت مؤخرًا صوراً بالأقمار الصناعية تثبت قيام جيش الاحتلال الإثيوبي بإحراق بلدات وقرى بكاملها في "إقليم أوجادين" الواقع إلى الشرق من إثيوبيا.(15)
لقد مارست سلطات الاحتلال الإثيوبي مختلف أشكال الاضطهاد والانتهاكات؛ لفرض هيمنتها على أبناء الإقليم والتي كان على رأسها فرض التجنيد الإجباري على المدنيين بالإقليم للقتال كمليشيات ضد المقاومة، وليكون المسلمون الصوماليون ضد المسلمين الصوماليين في محاولة للتخفيف من العبء الثقيل الذي سبَّبته المقاومة الإسلامية في الإقليم، فضلاً عن التقليل من عدد القتلى في صفوف الجيش الإثيوبي نتيجة عمليات المقاومة.
في هذا الإطار أيضاً أجبرت سلطات الاحتلال شيوخ القبائل في الإقليم على تعبئة قبائلهم لمحاربة مقاتلي الجبهة، حتى تمكنت من إجبار المدنيين على الانخراط في الخدمة العسكرية، وإشراكهم في القتال بدون تدريب مسبق، فضمت إلى قواتها قسرًا عددًا كبيرًا من الأطباء والممرضين والمهندسين، وغيرهم من أبناء الإقليم الذين يعملون جاهدين على تقديم الخدمات للإقليم؛ مما أدى إلى تدهور الأوضاع وتفاقم مأساة الإقليم.
وبحسب شهادات العديد من أبناء أوجادين ونشطاء منظمات الإغاثة الدولية؛ فإن القوات الإثيوبية تقتحم المستشفيات لتجنيد الأطباء والممرضين والعاملين فيها، كما تجبر الموظفين المهنيين والحراس والسائقين في المصالح الحكومية بالإقليم فضلاً عن الموظفين بمشروعات مُمَوَّلة من قبل مانحين أوروبيين كالبنك الدولي على الذهاب إلى مناطق المواجهة في أوجادين، وهو ما دفع الآلاف من أبناء الإقليم إلى الفرار والنزوح إلى الدول المجاورة، مخافة التعرض لمصير المتخلفين عن الانضمام للقوات الإثيوبية من قتل أو تعذيب أو سجن مدى الحياة.
ثم تأتي الانتهاكات التي تمارسها قوات الاحتلال الإثيوبي بحق سكان الإقليم؛ حيث رصدت منظمة مراقبة حقوق الإنسان (هيومن رايتس ووتش) العديد من جرائم الاغتصاب الجماعي والقتل والصلب والتخريب لترويع السكان المحليين، فضلاً عما تفرضه هذه القوات من حصار على المعونات الإنسانية والحركة التجارية في بعض مناطق أوجادين؛ بدعوى منع وصول الدعم اللوجيستي للمقاتلين الاستقلاليين، مما رفع من احتمال حدوث مجاعة، وهو ما ألجأ السكان إلى أكل الأعشاب والشرب من جذور النباتات إن وجدت.
كما ذكرت صحيفة ليبراسيون الفرنسية قد كشفت في وقت سابق, عن تدمير قرى وتشريد مواطنين وحالات اغتصاب واغتيالات يمارسها جيش الاحتلال الإثيوبي في إقليم أوجادين ذي الأغلبية المسلمة شرقي البلاد منذ أكثر من عام.
وقالت الصحيفة: إن أديس أبابا بدأت عملياتها العسكرية ضد الجبهة الوطنية لتحرير أوجادين في يونيو 2007 على أثر هجوم على محطة لاستغلال النفط أودى بحياة 74 شخصًا بينهم عدد من الصينيين.
وقد نشرت وسائل الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان الدولية تقارير عدة عن الوضع المأساوي لأهالي هذا الإقليم, إلا أن إثيوبيا مصرة على تكرار العبارة نفسها: "هذه التقارير لا أساس لها من الصحة".
وكانت مؤسسة علمية بحثية أمريكية تدعى "أسوسيشن أوف أدفانس أوف ساينس" أو " أي أي أي إس" قد ذكرت أن صور الأقمار الصناعية التي ظهرت مؤخرًا أثبتت صحة التقارير التي أكدت قيام الجيش الإثيوبي بإحراق بلدات وقرى بكاملها في إقليم أوجادين الواقع إلى الشرق من إثيوبيا.(16)
ولا تتوقف مأساة أبناء أوجادين عند حد ممارسات الاحتلال وجرائمه؛ إذ يواجه أهالي الإقليم شبح آخر للموت جراء موجة المجاعة التي تكتسح المنطقة بين الحين والآخر، نتيجة الجفاف الحاصل بسبب تأخر نزول الأمطار عن مواسمها، وقلة الآبار الارتوازية، وعدم كفايتها للعدد الهائل من السكان والحيوانات، وجفاف المخازن المائية والآبار، وعدم اهتمام الجهات المعنية لمتابعة ومراقبة مشكلات المياه في المنطقة، والاستفادة من مياه الأنهار، وهو ما يؤدي بحسب تقرير لمنظمة R. R. C الإثيوبية إلى موت أكثر من ثلاثين شخصا يوميا، ما بين طفل رضيع وشيخ هرم وامرأة، فضلاً عن إصابة الكثيرين منهم بأمراض الإسهال الدموي والدوسنتاريا وغيرها.
وعن العمل الإغاثي فإن التقارير تكشف عن مساهمات ومشاركات من قبل هيئات ومنظمات دولية في إغاثة ومكافحة المجاعة المنتشرة في أوجادين منها هيئة رعاية الطفولة الأمريكية والصليب الأحمر وهيئات فرنسية ومنظمة S S M الإيطالية، ومنظمة اليونيسيف، وهيئة أطباء بلا حدود، في مقابل غياب شبه كامل للعمل الإغاثي العربي والإسلامي بالإقليم؛ ليكون أبناء أوجادين فريسة سهلة وسائغة للتنصير.(17)
طائفة الأحباش:
نظم آلاف المسلمين احتجاجات متفرقة من وقت لآخر في شوارع العاصمة الإثيوبية منذ أواخر العام الماضي، ضد "تشجيع الحكومة لفرع غريب عن الإسلام وهو طائفة الأحباش".
وقد أصدرت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية فتوى بشأن ( جماعة الأحباش ) بعد تلقيها أسئلة واستفسارات حولها. وبعد تفصيل في عقائد هذه الجماعة، قررت اللجنة ما يلي:
1- أن جماعة الأحباش فرقة ضالة ، خارجة عن جماعة المسلمين ( أهل السنة والجماعة ) ، وأن الواجب عليهم الرجوع إلى الحق الذي كان عليه الصحابة والتابعون في جميع أبواب الدين والعمل والاعتقاد ، وذلك خير لهم وأبقى .
2- لا يجوز الاعتماد على فتوى هذه الجماعة ؛ لأنهم يستبيحون التدين بأقوال شاذة ، بل ومخالفة لنصوص القرآن والسنة ، ويعتمدون الأقوال البعيدة الفاسدة لبعض النصوص الشرعية ، وكل ذلك يطرح الثقة بفتاويهم والاعتماد عليها من عموم المسلمين .
3- عدم الثقة بكلامهم على الأحاديث النبوية ، سواء من جهة الأسانيد أو من جهة المعاني.
4- يجب على المسلمين في كل مكان الحذر والتحذير من هذه الجماعة الضالة ، ومن الوقوع في حبائلها تحت أي اسم أو شعار ، واحتساب النصح لأتباعه والمخدوعين بها ، وبيان فساد أفكارهم وعقائدهم . (من فتاوى اللجنة الدائمة 12 / 323).
وكان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، قد طالب مؤخرًا، الحكومة الأثيوبية بحماية حقوق المسلمين والحوار مع قادتهم، وحذّرها من عواقب إحداث الفتنة بينهم.
وقال الاتحاد في بيان له: إنَّه في الآونة الأخيرة حدثت مشاكل كبيرة للمسلمين في إثيوبيا حيث شنّت الحكومة هجمة ضد الدعاة والشباب الملتزمين بتهمة "الإرهاب" والقاعدة، وزجت بمئات منهم في السجون مع ممارسة التعذيب، وأُقحمت بعض مساجدهم وأغلقت معظم صحفهم ومجلاتهم".
الأزهر يتبرّأ من الأحباش صراحة
وأضاف: لم يتوقف الأمر عند ذلك "بل حاولت الحكومة لإحداث فتنة الأحباش التابعين للضال عبدالله الهرري، حيث تحاول أن تجعل الأحباش ذوي أغلبية في المجلس الأعلى للمسلمين وهذا ما يراه المسلمون تدخلاً صارخًا في الشؤون الدينية، وزرعًا للفتنة بينهم لتحقيق أهداف سياسية للحكومة ونتجت عنه موجة احتجاجات عارمة من المسلمين".
ودعا الاتحاد الحكومة الأثيوبية برفع الظلم والحيف عن المسلمين، ومنح الحرية الدينية، وحق اختيار ممثليهم، وبتحقيق مساواتهم مع النصارى في الحقوق والواجبات.
كما طالب الحكومة بالحوار مع ممثلي المسلمين من العلماء ورؤساء القبائل والمصلين للوصول إلى صيغة تعايش سلمي دائم يحمي الحقوق والحدود، محذرًا من أن المضي في سياسة العنف والبطش والسجن والاتهامات الباطلة لعموم المسلمين وإحداث الفتنة بينهم قد ثبت فشلها في العالم أجمع، وأنها وسائل لتدمير الشعب والحكومة معًا كما رأينا في الصومال وغيرها.
وناشد الاتحاد منظمة التعاون الإسلامي وقادة العالم الإسلامي وعلماءه وشعوبه للوقوف مع إخوانهم المضطهدين في إثيوبيا، ودعمهم ماديًا ومعنويًا، والضغط على الحكومة لتحقيق العدالة الشاملة والمساواة الكاملة، ورفع الحيف والظلم عنهم.(19)
المراجع:
(1)  J. Spencer Trimingham. 1952. Islam in EthiopiaOxford: Geoffrey Cumberlege for the University Press, p. 44
(2) Census 2007", first draft, Table 6. The total population size for this Region includes 8 rural kebeles in Elidar woreda, whose numbers were estimated
(3) World Factbook: Ethiopia
(4) المسلمون في إثيوبيا. مجلة البيان (2010). العدد 276، شعبان 1431. ص 60 – 61
(5) رابط الموضوع: http://www.alukah.net/World_Muslims/0/37784/#ixzz2lmpnq9aE
(6) واقع المسلمين في إثيوبيا بين الغثائية والضياع ( تقرير ) الأقليات المسلمة في العالم: منتدى أنصار السنة
(7) اضطهاد المسلمين - ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
(8) شبكة الألوكة.رابط الموضوع: http://www.alukah.net/world_muslims/11163/52707/#ixzz2lmnCTJll
(9) مركز التأصيل للدراسات والبحوث
(0) المصدر: شبكة الألوكة.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/World_Muslims/0/37002/#ixzz2lmo9Ousu
(11) المصدر: شبكة الألوكة.رابط الموضوع: http://www.alukah.net/World_Muslims/0/58758/#ixzz2lmomKoWT
(12) المختصر
(13) المصدر: شبكة الألوكة
(14) . المصدر: شبكة الألوكة.
(15) شبكة الألوكة رابط الموضوع: http://www.alukah.net/World_Muslims/0/46061/#ixzz2loY6h6uf
(16) الإسلام والإرهاب في صفحات التاريخ: منتدى الأدب و اللغة و الفنون: تاريخ مصر قسم الموسوعات التاريخية
(17) لاحتلال الإثيوبي يعترف بارتكاب مذابح ضد مسلمي أوجادين: موقع الصومال اليوم
(18) واقع المسلمين في إثيوبيا بين الغثائية والضياع ( تقرير ) الأقليات المسلمة في العالم: منتدى أنصار السنة
(19) مفكرة الإسلام: إثيوبيا تضيّق على المسلمين عبر تشجيع "فرقة ضالة"



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق