الفصل
الثالث: اليهود والمسيحية:
ثانيا: محاربة اليهود للمسيحية والمسيحيين:
وهنا نُشير لأبرز ملامح اضطهاد اليهود للمسيحية والمسيحيين في شئ من
الإجمال، بينما يأتي التفصيل في موضعه بالفصل الخامس، ومن أبرز
الاضطهادات التي لاقاها المسيحيين من خلال اليهود:
- ما خلده لنا القرآن الكريم من تلك المحاربة
لعقيدة المسيحيين في مشهد مروع لأصحاب الأخدود قال تعالى في سورة البروج:
[قُتِلَ
أَصْحَابُ الأُخْدُودِ(4) النَّارِ ذَاتِ الوَقُودِ(5) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا
قُعُودٌ(6) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ(7) وَمَا
نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ العَزِيزِ الحَمِيدِ(8) ](1) سورة
البروج.
ويقول صاحب الظلال – رحمه الله - في تفسير تلك
الآيات:
هذه السورة القصيرة تعرض، حقائق العقيدة، وقواعد
التصور الإيماني... أمورا عظيمة وتشع حولها أضواء قوية بعيدة المدى، وراء المعاني
والحقائق المباشرة التي تعبر عنها نصوصها حتى لتكاد كل آية، وأحيانا كل كلمة في
الآية - أن تفتح كوة على عالم مترامي الأطراف من الحقيقة.. والموضوع المباشر الذي
تتحدث عنه السورة هو حادث أصحاب الأخدود.. والموضوع هو أن فئة من المؤمنين السابقين
على الإسلام - قيل إنهم من النصارى الموحدين - ابتلوا بأعداء لهم طغاة قساة
شريرين، وأرادوهم على ترك عقيدتهم والارتداد عن دينهم، فأبوا وتمنعوا بعقيدتهم.
فشق الطغاة لهم شقا في الأرض، وأوقدوا فيه النار، وكبوا فيه جماعة المؤمنين فماتوا
حرقا، على مرأى من الجموع التي حشدها المتسلطون لتشهد مصرع الفئة المؤمنة بهذه
الطريقة البشعة، ولكي يتلهى الطغاة بمشهد الحريق. حريق الآدميين المؤمنين: "
وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد "
- نيرون 54 – 68 م
ما أنزله بهم نيرون الطاغية فقد ألقى بعضهم للوحوش الضارية تنهش أجسادهم، وأُمر فطُليت أجساد بعضهم بالقار وأُشعلت لتكون مصابيح بعض الاحتفالات التي كان يقيمها نيرون في حدائق قصره.(2) زكي شنودة: تاريخ الأقباط ج1 ص 101
فعلى يده استشهد الرسولان بطرس وبولس. أحرق روما
واتّهم المسيحيين فحكم بالموت على اعداد ضخمة منهم بابشع الوسائل. صلب بعضهم
امعانا في السخرية بعقوبة المسيح ولف البعض الاخر في جلود الحيوانات الضارية
والقوا للوحوش المسعورة في مسرح الالعاب الرياضية. وبلغت المأساة الشيطانية ذروتها
ليلا في الحدائق الامبراطورية، عندما اشعلت النار في المسيحيين والمسيحيات، بعد ان
دهنوا بالقار والزيت وسمروا في اعمدة الصنوبر يضيئون كالمشاعل لتسليه الجماهير.
- دومتيان 81 – 96 م
طاغية مرتاب متكبر، كان يدعو ذاته “ربا والها”. اعتبر
اعتناق المسيحية جريمة ضد الدولة. حكم على كثير من المسيحيين بالموت وهو الذي أمر
بإلقاء القديس يوحنا الإنجيلي في خلقين زيت مغلي في روما، ثم عاد ونفاه إلى جزيرة
بطمس كما استشهد أبان عهده انسيموس وديونيسيوس الاريوباغي وكثيرون غيرهم.
- تراجان 98 – 117
أول إمبراطور يعلن أن المسيحية ديانة محرمة. كان
يعتبر مجرد حمل اسم مسيحي جريمة. سنّ قوانين وتشريعات العقوبة ضد المسيحيين بقيت
سارية لفترة قرن. في زمنه استشهد القديس أغناطيوس أسقف إنطاكية، الذي أرسل إلى
روما، وألقي للوحوش الضارية في الكالسيوم.
إضطهاد أباطرة روما للمسيحيين وللكنيسة الأولى |
- مارك أوريليوس 161 – 180 م
في عهده بدأ استخدام السراديب الخفية تحت الأرض
للعبادة. تفنّن باستخدام وسائل التعذيب فملأت جثث الشهداء الطرقات.
- سبتميوس ساويرس 193 – 211
سُرعِة انتشار المسيحية في الإمبراطورية أثارت
حفيظة الوثنيين، فأراد الإمبراطور سبتميوس إرضاء حقدِهِم فأصدر مرسوماً بمنع
المسيحيين من تبشير غيرهم فحلَّت الاِضطهادات. في عهده استُشهِد أساقفة روما ڤيكتور
وكاليستوس وأوربان، واسكليباس أسقف أنطاكية والقديسة بوتامينا العفيفة والضابِط
الروماني باسيليدس الذي تأثَّر بقداسِتها.
- مكسيميانوس التراقي 235 – 238 م.
كان هذا الإمبراطور دموياً، فمكَّن الشعب من
اضطهاد المسيحيين، وأمر بقتل الأساقفة والرعاة ظناً منه أنَّ هذه هي نهايِة
المسيحية. ولم تعرِف البشرية في كل تاريخها شُهداء كشُهداء المسيحية الذين نالوا
اكليل الشهادة من أجل ثباتهم في الإيمان إلى النفَس الأخير.
- ديسيوس 249 – 251 م
ساد في عهدها ضطهاد عام وشامِل، اِستشهد فيه طغمة
كبيرة من الشهداء الذين تمسَّكوا بإيمانهم ومحبتهم للمسيح العريس السماوي بغيرة
عجيبة وشجاعة نادرة مُذهلة، وكان الولاة أكثر شراسة مع الأساقفة والرعاة والخدام،
الذين أخذوا بركِة الاستشهاد حُباً في الله. ومن أشهر شُهداء هذا العصر القديس
مرقوريوس أبي سيفين وبابيلاس الأنطاكي…
- فالريان 253 – 260 م
نفى الأساقفة والقسوس والشمامِسة، بعد أن أعدم
كثيرين منهم، وجرَّد المسيحيين من مناصِبهم. وكل من أصر وتمسَّك بديانته بَتَرْ
رأسه. تمعن في إذلال المسيحيين، فقيّدهم ونفاهم، وحرَّم الاِجتماعات الدينية. من
أشهر شُهداء ذلك العهد، الشهيد القديس كبريانوس.
- اورليان 270 -275 م
أصدر أوريليان مرسوماً بقتل المسيحيين كان من أثره
مذابِح مُروعة في أماكن شتى. أوّل الشهداء في عصره كان فيلكس أسقف روما.
- دقلديانوس 284 – 305 م
أصدر دقلديانوس مع زميله غاليروس منشوراً بهدم كل
الكنائِس المسيحية وإحراق الكتب الكنسية، واعتبار المسيحيين خارجين عن القانون. ذاق
المسيحيون كأس الاستشهاد واصطبغوا بها ثانيةً، مثل زوئي زوجة السَّجان، التي كانت
تعتني بالشُهداء الذين تحت حراسة زوجها ثم أصبحت مسيحية، فعُلِّقت على شجرة تشتعِل
بالنار في جذعها، ثم أُلقِيت في نهر وقد عُلِّق حجر كبير في عُنُقها.
عبَّر العلاَّمة ترتليانوس عن قوة المسيحية ونقاوة
فضائِلها ومدى انتشارها بلا سند من قوة زمنية، وهو الذي عاصر الاِضطهادات دون أن
يرى نهايِتها – بقوله ”دِماء الشهداء بِذار الكنيسة“ عاش في هذا الزمن القديس
جاورجيوس.
- وفي القرن الثاني كان المسيحيون أنجاسا لا يُسمح
لهم بدخول الحمامات والمحال العامة، وكانوا يُلقون بهم للوحوش الضارية تفترسهم في
مدرج عام، يضم خصومهم الذين يحضرون للتلهي بمشاهدة هذه المناظر (3)
الاضطهاد الديني في المسيحية والإسلام ص 35
- وفي عهد الإمبراطور دقلديانوس:
- أمر بهدم
كنائس المسيحية.
- وإعدام
كتبهم المقدسة وآثار آبائها
- وقرر
اعتبار المسيحيين مدنسين سقطت حقوقهم المدنية
- والقبض
على رجال الدين والزج بهم في السجون وتعذيبهم. (4) الاضطهاد
الديني في المسيحية والإسلام ص 40 و تاريخ الأقباط ص 108
حرق البروتيستانت الأيقونات فى كنايس زيوريخ سنة 1524. |
- ويردد اليهود في الزوهار ( الإنجيل الثاني
للغيبيات في العالم:
- يجب على
اليهودي السعي الدائم لغش المسيحيين، ومنْ يفعل خيرا للمسيحيين فلن يقوم من قبره.
- ومن الخطب التي ألقيت في مؤتمر مجمع بناي بريث
الذي عقد في باريس في الثلث الأول من هذا القرن: أمرنا عددا من أبنائنا بالدخول في
جسم الكاثوليكية مع تعليمات صريحة بوجوب العمل الدقيق والنشاط الكفيل بتخريب
الكنيسة من داخلها، عن طريق اختلاق فضائح داخلية، وبذلك نكون قد عملنا بنصيحة أمير
اليهود الذي أوصانا بحكمة بالغة – دعوا بعض أبناءكم يكون كهنة و رعاة أبرشيات
فيهدموا كنائسهم –
على الرغم من الخوف الشديد من الموت ، ولكن بشجاعة دافع المسيحيون عن دينهم. |
- ويقول اليهود أيضا: نحن نشكر البروتستانت على
إخلاصهم لرغباتنا برغم أن معظمهم وهم يُخلصون الإيمان لديهم لا يعون مدى إخلاصهم
لنا، إننا جد ممتنون للعون القيم الذي قدموه لنا في حربنا ضد معاقل المدنية
المسيحية استعدادا لبلوغ مواقع السيطرة الكاملة على العالم.
- أما عن هدفهم من وراء ذلك فيقولون:
ثم أخيرا لنتذكر دائما أن ملك اليهود المنتظر لن
يرضى بحكم العالم قبل خلع البابا عن كرسيه في روما... (5) شهود يهوه:
عاطف عبد الغني ص 9
- كما يُنسب لليهود أنه لا يستقيم لهم الاحتفال
بأعيادهم الدينية إلا مع التضحية بقربان بشري لخلط دمه بفطائرهم التي يصنعونها في
عيدي الفصح والبوريم، ومن أول شروط الضحية أن تكون مسيحية، ويا حبذا لو كانت سليلة
أبوين متدينين، وذك من اجل الإله يهوه وتزيد الفرحة الإلهية حين ترتفع المكانة
الدينية للضحية فيكون الدم لكاهن أو قسيس... الخ ( وكم هي حوادث اختطاف المسيحيين
التي شهدتها أوربا على يد اليهود لذبحهم ) (6) شهود يهوه: عاطف عبد الغني ص 11
بتصرف
- الوقوف خلف الجمعيات التي توجه نشاطها للنيل من
الديانة المسيحية، ودعمها ماليا ومعنويا، ومنْ تلك الجمعيات: جمعية فرسان المعبد،
والصليب الوردي (7) مقارنة الأديان: د/ أحمد شلبي ج 2 ص 322 بتصرف
- هذا مجرد جانب بسيط من الكيد اليهودي للمسيحية
والمسيحيين وما فعلوه بهم في الماضي البعيد والحاضر القريب.راعينا فيه الإيجاز
والتركيز على العموم دون الخوض في التفاصيل، فهذا يحتاج إلى سرد طويل فسيرة أحفاد
القردة والخنازير مع المسيحية حافلة بالكثير من الأحداث، والآن ننتقل إلى اليهود
والإسلام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق