الفصل الثالث: اليهود والمسيحية:
أولا: موقف
اليهود من المسيح – عليه السلام –
(أ) في القرآن الكريم:
قدمنا توصيات حكماء بني
صهيون لصُناع القرار اليهودي والتي يتضح من خلالها مقدار الحقد الذي يضمره هؤلاء
الصهاينة للعالم أجمع، فهم لا يصادقون ولا يصدقون إلا مع أنفسهم، وإذا ما سايروا
فرداً أو جماعة فمن أجل شئ واحد محدد وهو مصلحتهم فقط، فشعوب العالم عند هؤلاء
اليهود ما هم إلا شراذم مباح لليهود قتلهم واغتصاب أرضهم و استحلال مالهم، وكل هذه
الأشياء التي يرتكبونها من قتل واغتصاب واستحلال للمال والعرض قد سمح لهم بها
إلههم يهوه على اعتبار أنهم شعبه المختار.
تلك مجرد قطرة من محيط الكيد والتخطيط
اليهودي الصهيوني، الذي يخطط لتدمير العالم بأسره، واستعباد شعوبه، وتخريب
دياناتهم، ومسخ عقائدهم، واستحلال مالهم وعرضهم، واغتصاب ديارهم، والغريب في الأمر
أن الباحث المدقق في تلك البروتوكولات يدرك للوهلة الأولى أن العديد من الأنظمة
الديكتاتورية في الشرق العربي و الإسلامي تتبنى أفكار تلك البروتوكولات.
هذ بخلاف الاغتيال والتآمر
اللذان يمثلان عقيدة راسخة وسلوك ثابت في نفوس وقلوب اليهود يشهرونهما في وجه كل
منْ يخالف أطماعهم، وهذا الاغتيال وذلك التآمر ثابتين لديهم منذ وجودهم على ظهر
الأرض.
يوسف الصديق أخوته (رموه) في البئر ....منزوع القميص |
فقديما حاول أبناء يعقوب أو إسرائيل الخلاص من أخيهم يوسف الصديق – عليه
السلام – لغيرتهم منه، وحقدهم عليه قال تعالى على لسان يوسف – عليه السلام – [إِذْ
قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا
وَالشَّمْسَ وَالقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ] {يوسف:4} فكان جواب الأب
يعقوب – عليه السلام – على ابنه [قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى
إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ
مُبِينٌ] {يوسف:5} أما الأخوة فكان ردهم [إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ
أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ
مُبِينٍ] {يوسف:8} وهنا عقدوا العزم [اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا
يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ]
{يوسف:9}
فالاغتيال والتآمر حقيقة ثابتة في قلوب وعقول
اليهود، وواضحة جلية في حياتهم وسلوكهم، فهذا ما يحكيه التاريخ ويشهد بصدقه القرآن
الكريم فيما يخص سياسة اليهود مع أنبيائهم، فكل نبي يُخالف أفكارهم، ويُحارب
أطماعهم يكن مصيره التكذيب والدسائس وإن لم يُفلح ذلك يكن مصيره القتل، مارسوا ذلك
مع كل أنبيائهم ومنْ أشهر منْ مارسوا معهم ذلك زكريا وابنه يحيى – عليهما السلام –
ثم السيد المسيح – عليه السلام –
(أ)
في القرآن الكريم:
قال تعالى:
[وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الكِتَابَ
وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ
البَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ القُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ
بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ
وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ] {البقرة:87} هذه هي طبيعة ذلك الشعب صاحب الباع الطويل في
الكيد والدسائس والاغتيال والتآمر والقتل.
فبالله عليكم شعب هذا فكره وتلك عقيدته وذلك
منهاج حياته هل تُؤمن له عهوداً أو مواثيق ؟!!!!!!!!!!!! هل يمكن التعامل
معه؟!!!!!!!! أو الأخذ والعطاء له ومنه؟!!!!!!!!!! هل يمكن أن يحدث معه تطبيع
؟!!!!!!!!!!! أو يصدق له كلام ؟!!!!!!!! وأترك لكم الإجابة على تلك التساؤلات وحتى
نعينكم على الإجابة وعلى فهم الطابع الأخلاقي لذلك الشعب سنعرض في الحلقات القادمة
لموقف اليهود من المسيحية ومن السيد المسيح – عليه السلام – ثم لموقفهم من الإسلام
وماذا فعلوا به منذ ظهوره ؟!
فاذا ما رجعنا إلي التاريخ لفهم موقف اليهود
من المسيحية، وجدنا أن أول خيط من خيوط مؤامرة اليهود ضد المسيحية موقفهم من السيد
المسيح – عليه السلام – فقد وقفوا ضده وحاكوا له الدسائس بل، وكادوا له ،فلما لم
يُفلح ذلك اجتهدوا في قتله، فلماذا فعلوا ذلك رغم أنهم كانوا ينتظرون خروجه وبعثه
لهم ؟!
السيد المسيح مصلوب على جبل الجلجثة. العذراء واقفة تبكي ومعها يوحنا المعمدان |
فالمسيح – عليه السلام – أو يسوع لا يعتبر في
اليهودية شخصية مرسلة من قبل الإله، فهو ليس الماشيح ولا حتى نبي بوصفه لم يتمم
النبؤات الكتابية حوله؛ الانتقادات اليهودية لشخص يسوع بدأت منذ رسالته، إذ تذكر
الأناجيل وصفه من قبل رجال الدين اليهود بالممسوس من قبل الشيطان؛ وأراد الحاخام
الأكبر جمالائيل الثاني بعد خراب الهيكل عام 70 أن يضيف في الصلوات اليومية لعنات
ضد المارقين على اليهودية ومن بينهم حسب رأيه يسوع، إلا أنه عاد وعدل عن ذلك. (1)
في حين قال الرابي موسى بن ميمون في كتابه
"ميشناه التوراة":
أما عن يسوع الناصري الذي ادعى أنه المسيّا،
وقُتل بأمر المحكمة، كان النبي دانيال قد سبق وتنبأ عنه: "وأطفال ثوار شعبك
سيرفعون أنفسهم لمرتبة النبوة فيتعثرون"، فهل يمكن أن توجد صخرة عثرة أكبر من
هذه؟! كل الأنبياء أجمعوا على أن المسيّا سوف يخلص إسرائيل وينقذه وبأنه سيجمع
المشتتين ويقيم الوصايا، بينما سبب الناصري ضياع إسرائيل بحد السيف وتفرق منْ تبقى
منهم في كل مكان، كما أنه غيّر التوراة وتسبب بحصول خطأ فظيع."
كذلك فإن اليهودية الإصلاحية تعلن بشكل صارم
بأن كل يهودي يصرح بان يسوع هو المسيح المخلص فهو ليس بيهودي بعد، فبحسب التقليد
اليهودي فأن السماء لم ترسل أنبياء بعد عام 420 ق.م،(2) فيكون بذلك النبي ملاخي هو
آخر الأنبياء في اليهودية وهو سابق للمسيح بأربعة قرون.
لم يمنع ذلك، مدح بعض الشخصيات اليهودية يسوع
والكتابة عنه بشكل إيجابي، منهم الفيلسوف التشكيكي باروخ سبينوزا الذي اعتبره لا
نبيًا فحسب بل "صوت الله"،(3) وموسى مندلسون وهو من مفكرين حركة التنوير
اليهودية الذي أعتبر يسوع معلمًا أخلاقيًا ويهوديًا،(4) والفيلسوف اليهودي مارتن
بوبر الذي أعتبر يسوع شخصية ذات شأن.(5)
العمل الفني الكنيس والكنيسة؛ الذي يرمز إلى العلاقة بين الديانة اليهودية والمسيحية. |
ومن أقوال التلمود في حق المسيح - عليه
السلام وبرأه الله من مزاعم اليهود -:
"إن يسوع الناصري موجود في لجات الجحيم
بين القار والنار، وإن أمه "مريم" أتت به من العسكري
"باندارا" عن طريق الخطيئة، وإن الكنائس النصرانية هي بمقام
القاذورات، وإن الواعظين فيها أشبه بالكلاب النابحة، وإن قتل المسيحي من الأمور
المأمور بها، وإن العهد مع المسيحي لا يكون عهدًا صحيحًا يلتزم اليهودي القيام به،
وإن من الواجب أن يَلعَن اليهودي - ثلاث مرات - رؤساءَ المذهب النصراني، وجميع
الملوك الذين يتظاهرون بالعداوة لبني إسرائيل" (6)
لقد رفض اليهود المسيح – عليه السلام –
وناصبوه العداء، لآن السيد المسيح – عليه السلام – قد خيب ظنهم وأضاع آمالهم، فقد
كانوا ينتظرون مسيحا يساعدهم في تحقيق أطماعهم في العالم، فضلا عن تحقيق رغباتهم
وميولهم.
أما السيد المسيح – عليه السلام – فقد جاء لمحاربة
أهم اتجاهين قد تأصلا في الفكر اليهودي وهما:
- شغفهم بالمادة وإهمالهم الناحية الروحية
فيهم.
- ادعائهم بأنهم شعب الله المختار، وادعاء
أحبارهم أنهم الصلة بين الله والناس وبدونهم لا تتم الصلة بين الخالق والمخلوق (7)
من أجل ارضاء أمراة بغى قتل اليهود سيدنا يحى ســــالومى قاتلة يحى علية السلام رقصت على دمائة انتقامــــا منـــــة . |
ومن هنا فقد ارتاع اليهود وفزعوا على آمالهم
وميولهم وأطماعهم ،التي أمنوا بها دهرا طويلا حتى تأصلت في نفوسهم، ولذا اتخذوا
قرارهم بضرورة الخلاص من السيد المسيح – عليه السلام – وذلك بعد سلسلة من الدسائس
لم تُفلح في تحقيق هدفهم، فجدًوا في الخلاص منه بعد اضطهاده واضطهاد كل منْ يسير
على دربه ومنهاجه قال تعالى على لسان هؤلاء القتلة: [وَقَوْلِهِمْ إِنَّا
قَتَلْنَا المَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا
صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي
شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا
قَتَلُوهُ يَقِينًا] {النساء:157} [بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللهُ
عَزِيزًا حَكِيمًا] {النساء:158}
فلما انتهوا من قتل السيد المسيح – عليه
السلام – حسب زعمهم وخرافتهم بل وخزعبلاتهم، اتجهوا إلى كل منْ اعتنق فكره، وأمن
به يذيقونهم ألوانا وصنوفا من العذاب من اجل قتل المسيحية في أنفسهم فإما يتخلوا
عنها أو يموتوا بها.
التعذيب والموت للمسيحين في السيرك الروماني. |
لقد وصف اليهود نبي النصارى عيسى عليه السلام
بأبشع الأوصاف، واتَّهَمُوه بأنواع التهم؛ كالجنون؛ والسحر؛ والنجاسة وأنه وثني
وابن شهوة (8) وغير ذلك من الأوصاف التي
لا تليق بصالحي البشر فضلاً عن الأنبياء والمرسلين عليهم السلام.
وقذفوا أمه مريم عليها السلام بالزنى، وقالوا
عليها قولاً عظيمًا(9) ولأجل ذلك فإن النصارى كرهوا اليهود كراهة دينية - ولا سيما
أن النصارى يعتقدون أن اليهود قتلوا عيسى عليه السلام وصلبوه - وجاء في نصوص
النصارى الدينية ما يدلّ على معاداتهم لليهود، فباباوات الكاثوليك - أعلى مرجعية
دينية عند النصارى - قرَّروا قديمًا أن اليهود يعتبرون خطرًا على جميع شعوب
العالم، وخاصَّةً الشعوب النصرانية(10)، وقال أحد كبار الرهبان النصارى:
"إنَّ القوى ذاتها التي صلبت المسيح طيلة ألف وتسعمائة سنة تَسعى اليوم إلى
صلب كنيسته، ثم يقرر هذا الراهب النصراني أنَّ اليهوديَّة العالميَّة التي نجحت في
إذلال شعوب الأرض تترقَّب الفرصة المواتية؛ لسحق المسيحيَّة سحقًا كاملاً"(11)
والآن تعالوا بنا نرى ما جاء في الكتاب
المقدس خاص بإضطهاد اليهود للسيد/ المسيح – عليه السلام –
لوحة شعلة نيرون، وفقًا لتاسيتوس، إستخدم نيرون المسيحيين كمشاعل بشريّة. |
المراجع:
(1)
يسوع المسيح، شخصيته وتعاليمه، مرجع
سابق، ص.120
(2)
Question 18.3.4: Reform's Position On...What is unacceptable practice? نسخة محفوظة 04 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
Question 18.3.4: Reform's Position On...What is unacceptable practice? نسخة محفوظة 04 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
(3)
يسوع المسيح، شخصيته وتعاليمه، مرجع
سابق، ص.124.
(4)
·
Matthew B.
Hoffman, From rebel to rabbi: reclaiming Jesus and the making of modern Jewish
culture, Stanford University Press, 2007, ISBN 0-8047-5371-7, p. 22: "Mendelssohn depicts Jesus as a model
rabbinical Jew... as a loyal rabbi"; p. 259: "Mendelssohn was not the
first to make such claims. Jacob Emden (1696-1776), a leading figure of
traditional Judaism in eighteenth-century Germany, also looked vary favorably
on Jesus"; p. 50: "Elijah Benamozegh (1823-1901) showed the
resemblance between parables and ethical imperatives in the gospels and the
Talmud, concluding that 'when Jesus spoke these words he was in no way
abandoning Judaism'"; p. 258: "Levinsohn avowed that Jesus was a
law-abiding Jew"
(5)
Rehearing Buber's Jesus Deepens Jewish-Christian Dialogue / By Kramer, Kenneth P., Questia نسخة محفوظة 04 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
Rehearing Buber's Jesus Deepens Jewish-Christian Dialogue / By Kramer, Kenneth P., Questia نسخة محفوظة 04 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
(6) اليهودية،
د/ أحمد شلبي، ص 279.
(7) د/ احمد شلبي: مقارنة الأديان: ج 2 ص 53
(8) أسس القرن التاسع عشر لهيوستن
ستيوارت نشامبرلين (1/ 337)،
والأصولية الإنجيلية لمحمد السماك (11).
(9) كما في قوله تعالى عنهم: ﴿ وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ
بُهْتَانًا عَظِيمًا ﴾
[النساء: 156]. قال ابن عباس رضي الله عنهما: "يعني أنهم رموها
بالزنى"، انظر: "تفسير ابن كثير" (1/ 872).
(10) مجلة: "سيفيلتا كاثوليكا" الصادرة عن الفاتيكان مرجع
الكاثوليك في
العالم، عن الأصولية الإنجيلية لمحمد السماك (10).
(11) انظر: "انقضاض اليهودية على المسيحية" (9).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق